
شأن كل الكبار الذين أثروا الثقافة والإبداع والفكر، ظل حسب الشيخ جعفر قامة شامخة في العطاء الذي يخدم الانسانية.
ومنذ مجموعته الشعرية البكر (نخلة الله) والصادرة عام 1969، تنبه الوسط الثقافي الى شخصية ابداعية فذّة، ذلك انه وُلد شامخاً وأمضى حياته في مسيرة قدمت القصيدة المجددة، والترجمة النابهة، والمقال المتين والعميق. دراسته الطوية في الاتحاد السوفياتي وترجمته لأعمال خيرة الأدباء الروس: بوشكين، ميسترال، الكسندر بلوك، يسينين، أفتشنكو…) لم تغرّبه عن بيئته المحلية، بل عمقت إيمانه بأن الانطلاق من التجربة الشخصية والبيئة المحلية أساس الشعر العظيم. (دون النبش في التراث يخلو العمل الفني من حجر الزاوية). هذا التعمق في التراث واللغة جمع أعمال حسب الشعرية ابتداء من الطائر الخشبي، زيارة السيدة العجوز، عبر الحائط في المرآة، وجيء بالنبيين والشهداء، وفي مثل حنو الزوبعة، اعمدة سمرقند، كران البور، الفراشة والعكاز، وجميعها صدرت في مجموعته الشعرية الكاملة في العام 2022.
كما ترجم لبوشكين وغابرييلا ميستراك وبلوك.. وكتب رواية (ربما هي رقصة لا غير) في 2012.
حسب.. تفرد بالحصول على جائزة السلام السوفيتية في العام 1983 وجائزة العويس عام 2002.
بين قصائد سعدي يوسف الصافية المنسجمة وبين تأمل وشرود السياب والبياتي تكمن فرادة قصيدة حسب الشيخ جعفر في الذهاب الى ذروتها دون تردد أو خضوع لأية عوائق فنية تعترضها. وهذا ما ساعده أيضاً على المضي أكثر فأكثر باتجاه قصيدته المدورة القائمة على كسر الحواجز بين الأسطر، وتضييق المسافة بين الشعر والنثر، وتهميش التقفية لصالح الموضوع بحيث تصبح القصيدة نوعاً من النص التشكيلي المفتوح على الشعر والسرد والمسرح.
رحل حسب الشيخ جعفر عنّا تاركاً لنا وللأجيال اللاحقة إرثاً غنياً من شعره وترجماته وتجربة ثريّة في الجمع بين المحلي والعالمي.
سلاماً حسب الشيخ جعفر!
(الثقافة الجديدة)