معلوم أن شغيلة الفكر والثقافة والإبداع في العراق، شغيلة تعاني من ثقل الحياة ووطأة الوضع الاقتصادي عليها، إلى جانب اتهام هذه النخب بـ (المستوى الهابط) تارة، وتغييب عدد منهم تارة أخرى.
كما أن انكماش المطبوع الورقي، بسبب حضور مواقع التواصل الاجتماعي بقوة، شكّل ظاهرة سلبية على عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين.
وهو الأمر الذي جعل من مهنة الصحافة وما يرافقها من مطبوعات، مهنة تغيب عنها الأضواء يوماً بعد آخر.
إزاء هذه الظروف المحيطة بالثقافة والإعلام، تنبهت الدولة الى هذه الشريحة المهمة في المجتمع، وأصدرت جملة قرارات من بينها: معالجة المرضى وتقديم منحة سنوية لهم وتخفيف أجور السفر.
إلا أن حقيقة ما يجري، يكشف عن عمق الخراب والدمار والزيف والفساد الذي يثقل هذه الشغيلة الواعية؛ فالمشافي في المستوصفات الرسمية، لا تستقبل هذه الشغيلة ولا تعمل على مساعدتها ولا إعفائها من أجور العلاج، ولا أجور العمليات ولا تسفير من هم بهم حاجة للسفر خارج العراق لغرض العلاج.
كما أن أجور السفر على متن الطائرات العراقية، لا ترحب – بل تعرقل – سفر هذه الفئة الاجتماعية، وتضع شتى العقبات للحيلولة دون دفع نصف أجور السفر المقررة رسمياً.
وتخضع عملية منح العاملين في شؤون الثقافة والفنون والصحافة، الى كثير من الإجراءات الروتينية العقيمة.. على الرغم من قلة مبلغ هذه المنحة التي لا تتجاوز في حدها الأعلى (935) ألف دينار، فيما تتسلم الفئة الوسطى من هذه الشغيلة مبلغ (700) ألف دينار، والفئة الثالثة (600) ألف دينار.
ومثل هذا التقسيم الفئوي، سوى كان على حسب الانتماء لاتحاد الأدباء او لنقابتي الفنانين والصحفيين، او على حساب الكفاءة والعطاء، يعد تقسيماً تعسفياً، لأن الهدف من هذه المنحة - على فقرها ومحدوديتها – لا يراد منها تقييم هذه الشريحة الاجتماعية، وانما تقديم المساعدة اليها لإعانتهم على هذه الحياة الصعبة التي يواجهونها، وعلى وجه الخصوص البطالة والشيخوخة والمرض التي تلاحق معظم العاملين في هذا الميدان.
إنّ المنحة دعم لإنسانية الانسان.. ولذلك من المعيب جداً تقسيمهم الى ثلاث فئات، فيما الحاجة واحدة لدى الجميع.
لذلك يحسن بالمسؤولين عن إقرار هذه المنح، تثبيتها في جدول الموازنة وتوزيعها بشكل عادل على جميع أفراد هذه الشغيلة بطريقة تنصف وتسهم في تقديم المساعدة إليهم، والعمل على مضاعفة مبالغ هذه المنح.
ذلك أنها لا تذهب هدراً لفئة لا تستحقها وإنما هي انتباهة طيبة الى هؤلاء الذين أفنوا أعمارهم لتوعية الناس وتحقيق المتعة والفرح في صفحات حياتهم.
الأمل أن يعاد تقييم مبالغ المنحة وتوزيعها على الجميع بشكل عادل وتفعيل معالجة المرضى مجاناً والسفر المخفض لهذه الفئة التي تستحق ما هو أكثر من ذلك.