لا نريد أن نستبق الأحداث، خاصة وأنها ساخنة ومتحركة ومفاجئة ومغايرة.. لكننا نتحدث عن خطوط عامة، وآفاق قابلة للتنفيذ، وليس للخطط المكتوبة حسب، والموعودة حسب، والغائبة كلا.. لا جزءا!
وعندما نتحدث عن ثقافة ما بعد 2003، لا نجد أمامنا، ما يدعونا إلى التأمل، ولا إلى الانتباه والإشارة.
نعم.. المحتل الأمريكي وما صاحبه من فوضى، كلها ردود فعل لما كانت عليه السلطة السابقة من جور، لكن هذه الفوضى والتجهيل الممتد على الاصعدة كافة، لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية.
الثقافة بناء.. ولم نجد خلال ربع قرن ما يشير إلى هذا البناء.. فلا القيادات الثقافية التي تسلمت زمام الأمور، تملك المؤهلات التي تجعلها في هذا الموقع، الأمر الذي جعل النتائج غير مثمرة بـــل جرداء!
هذا واقع لا يمكن لأحد نفيه او إنكاره، وليس هناك مؤشرات لأفق جديد.. فالمدارس هي اللبنة الأولى للمعرفة، لا تؤسس لتربية ولا لتعليم.. ولا لمدرسة في الحد الأدنى من القبول، ولا الحد الأدنى من المناهج، ولا في الحد الأدنى من التعليم.. وكذا الكليات، وما تضخّه من رسائل ماجستير أطروحات دكتوراه.. باتت أفقر من الفقر، لأنها لا تدرس واقع المجتمع علميا ولا اجتماعيا، كما لا تحمل أمانة البحث ولا جدية المعرفة الجادة التي تُضيف وتُجدد وتُضيء.
وتتكاسل وزارة الثقافة والسياحة والآثار عن إغناء هذه المهمة الثلاثية، ولا تقوى حتى على إغناء إحداها.. وتكتفي بإصدار دليل منجزات هامشية لا قيمة لها تحت اي مسمى ثقافي او معرفي او إبداعي. في وقت يتقدم فيه اتحاد الأدباء والكتاب في العراق بمسافة شاسعة عن هذه الوزارة الكسلى، مع ان الاتحاد منظمة تعنى بشريحة اجتماعية أدبية.. ورصيدها المالي يعتمد على أعضائها وما تجود به الحكومة من دعم لبعض فعاليات هذا الاتحاد الذي تظل عيون أعضائه مقترنة بالعطاء أكثر من أي شيء آخر.
إزاء هذا الواقع.. لا بد أن نتساءل: هل نجد في الأفق حياة أفضل لثقافتنا ولمثقفينا في العام القادم؟ نجد خطابا جادا وجديدا على صعيد نشر الكتب النوعية، والمسرح الراقي، والسينما المجتهدة، والتشكيل المتجدد، والأماكن السياحية والآثارية التي نباهي عراقنا بها؟
الأمل معقود بكفاءات ثقافية وطنية فاعلة.. لها حضورها ومنجزها..