قبل أن أحبكِ اختبرتُ أن
أتخيل جسدي مترهلاً
فبدا كل ما كنتُ أراه من العالم مرتعشاً .
في القصة الصغيرة
من قصص الحب
حيث الشموع تنطفئ مثل الآلام
و الشجيرات تتآلف مع الريح
اختبرتُ أن أوفّرَ من نسيانكِ شيئاً للذكرى!
هنا يرقدُ مَن لم يهده أحد
سلة زهور بنفسجية
اللون.
ها هو يبلغ كل شيء
بعد فوات الأوان
أنا الذي أقول ذلك الآن
راجياً من زواري
أن يضعوا الأزهار على قبور الغرباء
و السلال الفارغة
على قبري !
يا له من حبٍّ ينال
القوة قبل نهاية هذه السنة
نقابل كل ضعف فيه
بعدم اكتراث
ومثل بيت
كنا قد شيّدناه من أجل السكن
و الدفء
ها هو يكاد أن يقع
فنرممه من أجل الأسرار !
في هذه الحياة نظرتُ للسيجارة
كما يفعل الرعاة
نحو تلالهم البعيدة .
بدوتُ
أشد لامبالاة تجاه كل شيء .
أحببتُ السيجار لكني أقلعتُ عنه
مثلما سأقلع
عن حبٍّ يستزف قواي
مرةً عبر قذف العلبة كاملة
أما هذه المرة فعبر إخفاء القداحات!
**
أقيس نفسي مع هذا القمر
الذي يبدو غافلاً
عما أفعله.
عند اكتمال القمر
أخسر شيئاً
أما مع اختفائه تماماً
فلعلي أربح الليل كله فقط!
**
بلدتي هادئة طوال اليوم وأنا مثلها
مع أننا بانتظار ما يزلزلنا
أحكُّ جسدي
و أعي ما للصيف من إهانة
للجسد الوحيد
في معقله.
بلدتي مع حلول المساء
ستعود مقبرة كما تقول الحكاية
أننا على أية حال
لن نصل أبعد من أحلام الموتى !
**
لا يستدل على موتي
إلا عبر جثتي وهي تتعفن
و ما يكفي من الرجال الذي يحملون
الجنازة .
أنني ميت بما في المجاز
من تهوين للموت ،
نافذتي موصدة
من أجل المستقبل
و بابي مفتوح من أجل الماضي!
**
لو تيسر لي أن أكون
لكنتُ النهار الذي يفتح
غيماته البيضاء ،
المدن التي يدوم عمرها ،
الطيور التي لا تستريح الا
في أعشاشها.
و بالكاد سيكون لي في البرد المعتم
مصير تلك الحشرة التي تستدفئ
بالأزهار!
**
وددتُ لو تكون قبعتي
الأرض فتمشين حافية
هناك
بينما يندب الجميع مصائرهم
تمرحين فحسب
أن حبك في تلك اللحظة المنتبذة
يتقاربُ من فروة
رأسي !
**
يسوء العالم فيبدو وجهي
أشد سطوعاً، يداي رحيمتين حتى عندما
لا يكون ثمة ما أتناوله،
رأسي حزيناً
و دربي ممر شجرة .
تسوء المدن المجهولة
وما نحلم بقطف أزهاره يصير حجراً.
تسوء الطرق أيضاً
تلك التي نقطعها في قمة كسلنا
فيزداد حبي خيبة
و وحدة و سلاما
لكل هؤلاء الذين يلوحون
مصغين للمطر ..
يسوء الحب فيظل قلبي قديساً أو شحاذاً
لا فرق
ومثل الآلهة البرية
أموت منتظراً أن تتحسن أحوالُ
العالم فأفتح عيني !
**
لم أبلغ الأربعين بعد لكن الناس
يسمونني حكيماً
إذ استطعتُ منذ الصغر
أن أقود رفاقي نحو محاكاة
العشاق الكبار
الناس هنا يبجلون الألم رغم فداحة
الأمر يعني ذلك أنّ لي قدرة
على أن أنشف دموع البصلة الصغيرة
بالسكين !
**
أطلب من الشاعر الصبي أن يؤلف كتابه الآن
حتى عندما يبدو هذا سيئاً
فيما بعد.
الشعراء الذين لا يؤلفون الكتب
السيئة مبكراً
سيهرمون في الغد البعيد
و يؤلفون الكتب الأسوأ !
**
قلتُ:
أرني أين جُرحتَ؟
رفع الطفل بيجامته و أراني
بقع
الدم .
في اليوم التالي
سألت الطفل
أين جُرحتَ؟
أراني ركبته فحسب .
اليوم سيعيد التاريخ نفسه
سيسألني الطفل
أين جُرحتَ ؟
فأطلب منه أن يريني ركبته
لأشير إلى قلبي!
**
اتخذت مما يلامس يدي
الآن شيئاً لأكتب عليه مثل صاحب
طريقة الزن
مستغرقاً في الجلوس
قصائدي ليس إلا ما يتخفى
في البيت القديم حيث ولدتُ،
ما نتبادله من الصمت العابر
أحياناً،
حيث توجد غُريفة واحدة
ومعتمة
فأنا بطلُ العالم في التجوال!