
ما زال الجدل حول مقترح قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي أنهى البرلمان العراقي قراءته الأولى مطلع شهر اب 2024 يحتل مساحة واسعة من النقاش وردود الأفعال، ويثير العديد من التساؤلات حول مسوغات هذه التعديلات ودوافعها وما يترتب عليها من آثار. وقد كُتب الكثير عن هذا الموضوع ومن زوايا متعددة، ستركز الورقة الحالية على احدى النقاط الشائكة والمثيرة للجدل في هذه التعديلات، والمتعلقة بإبرام عقود الزواج خارج المحاكم المختصة وعلى يد مخول (شرعي).
حيث يبدو ان المادة (2) من مقترح التعديلات(1) تبيح الزواج خارج المحاكم والزيجات غير المسجلة التي يبرمها رجال الدين وتلغي العقوبات الجنائية المفروضة على كل من يعقد زواجاً خارج المحكمة. وتحصر وظيفة محاكم الأحوال الشخصية والقضاة في التصديق على هذه الزيجات بوصفها امراً واقعاً. دون ان تعطي المحكمة والقاضي الحق والصلاحية بإبطال الزواج في حالة عدم توفر شروط العقد واركانه.
يعد تسجيل الزواج داخل المحاكم اجراء بالغ الأهمية اذ لا يمكن اثبات واقعة الزواج قانونياً وبما يحمي حقوق الزوجين والأطفال مالم يتم ابرام عقود الزواج داخل محاكم مختصة لها سلطة رسمية ولديها القدرة على الاثبات والتوثيق. ويمثل هذا التسجيل الدليل القانوني الأقوى لإثبات وجود العلاقة الزوجية ووسيلة للوقاية من مشكلات عديدة قد تنشأ عند انفراط العلاقة الزوجية مثل الحضانة والإرث واثبات نسب الأطفال.
كما تكمن خطورة ابرام عقود الزواج خارج المحاكم المختصة في انها آلية تسهل تمرير الزيجات التي منعها القانون. من هذه العادات تزويج الفتيات الصغيرات، وتعدد الزوجات، والاكراه في الزواج. والزيجات غير القانونية المرتبطة بممارسات ضارة بالمرأة مثل اعطاء المرأة كتعويض في النزاعات العشائرية (الفصلية) وزواج البدل (كصة بكصة) ومنع الفتيات من الزواج خارج إطار العشيرة (النهوة)، فضلا عن مشاكل أخرى.
إلا ان المشكلة الكبرى هي سهولة انكار الازواج لهذا الزواج. او انكار اهل الزوج لحقوق الزوجة وبنوة الاطفال في حالة وفاة الزوج طالما لا تترتب عليه الالتزامات والحقوق التي تترتب على الزواج الرسمي داخل المحاكم. لكونه غير مسجل بوثيقة رسمية وغير موثق في سجلات المحاكم مما يحرم الزوجة والابناء من الحقوق المدنية في حالة وفاة الزوج، وكذلك لا حقوق للمرأة في النفقة والمهر اذ هجرها زوجها او في حالة الطلاق.
منع المشرع العراقي هذه الزيجات ووضع مادة عقابية تجرم هذا الفعل في محاولة للقضاء على الزواج العرفي والزيجات غير القانونية وإرساء اركان لزواج الحديث المثبت في سجلات المحاكم والذي تطور عبر مراحل متعددة ليشكل في صيغته النهائية عقداً قانونياً يؤسس لحياة زوجية مستقرة ويوفر الحد الادنى من الضمانات لأطراف هذا العقد وبشكل خاص للمرأة. غير ان التعديلات المقترحة تبيح هذا الزواج برفع العقوبة على من يبرم زواجاً خارج المحكمة دون النظر الى التداعيات الخطيرة المترتبة على هذا الزواج.
ومن الضروري إثارة النقاش حول هذا الموضوع وتأمل ما يرتبط بهذه الزيجات من اعتلالات وتداعيات وممارسات ضارة بالمرأة والطفل ومدى ملاءمتها للواقع المعاصر في سياق تتزايد فيه المطالبات بتحقيق المساواة ما بين الجنسين وضمان حماية حقوق النساء والأطفال.
نظرة على الزواج خارج المحكمة في العراق
انتشرت ظاهرة الزواج خارج المحكمة بشكل لافت في السنوات الاخيرة، وعلى الرغم من عدم وجود احصاءات رسمية لمثل هذا النوع من الزيجات نتيجة لعدم توثيقها في سجلات المحاكم، الا ان تقارير غير رسمية صادرة عن منظمات غير حكومية ووسائل الاعلام نبهت الى تصاعد غير مسبوق في عدد الزيجات التي تبرم خارج المحكمة، والمشكلات الناتجة عنها.
كشفت المقابلات الميدانية التي أجريت مع عدد من النساء المتزوجات خارج المحكمة والشهادات المنشورة في تقارير منظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام، عن مجموعة من الاسباب التي تدفع العوائل الى تزويج بناتهن خارج المحاكم المختصة، تتلخص بعدم أهلية أحد الزوجين أو كليهما وبما لا يسمح بعقد زواجهما داخل المحاكم. وزواج الخاطب من امرأة أخرى وعدم اهتمام الاهل بالعقد المدني وتفضيل عقد رجل الدين، وتعقد اجراءات الزواج وارتفاع تكاليفها.
غير ان الزواج خارج المحكمة مشكلة اكثر تعقيداً وتعود اسبابه الى عوامل بنيوية تنشط على مستويات عدة من الحياة الاجتماعية(2)، منها القيم النمطية السائدة عن النوع الاجتماعي ومجالات وقوة الاعراف العشائرية وفتاوى التطرف الديني وتراجع سلطة القانون، وقد وفرت الثقافة التمييزية والقيم النمطية السائدة عن المرأة وهيمنة الخطابات الإسلامية الاقصائية الرافضة للمساواة في العراق بديلاً عن الخطابات الإسلامية التنويرية التي تنفي التسلط على المرأة وتطرح فكر المساواة من منظور إسلامي فقهي(3) وفرت المبررات للتخلص من الفتاة من خلال التسريع في تزويجها ونقل مسؤوليتها الى الزوج، عبر عقد ديني لا يشترط سناً محدداً للزواج، ولا يضع شروطاً لزواج الرجل بأكثر من امرأة. وكان لتنامي دور المؤسسة الدينية بعد غياب مظاهر الدولة إثر سقوط النظام في 2003 اثرٌ في تقويض سلطة مؤسسات العدالة الرسمية واضعاف المؤسسة القضائية، اذ تحولت المساجد والحسينيات الى مراكز سياسية وادارية استطاعت ان تستوعب الجمهور، وأصبح للقيادات الدينية سلطة في ادارة شؤون المواطنين تفوق سلطة وقدرة المؤسسات الحكومية، ساعدها في ذلك الصبغة الدينية التي يحرص الفرد العراقي الآن على اظهارها والتفاخر بها، ما اشاع رؤية محافظة تجاه كل ما يتعلق بقضايا المرأة، وخصوصاً فيما يتعلق بالزواج. وتوضح دراسات ميدانية أجريت حديثا في العراق أثر العامل الديني في عادات الزواج وقيمه واتجاهاته، ففي دراسة عن الزواج المبكر في العراق ظهر ان 23% من ارباب الاسر برروا قرار تزويج بناتهم الصغيرات بالقيم الدينية التي تحث على الزواج المبكر لكلا الجنسين وبشكل خاص للفتاة لما فيه من صون لعفة الأسرة والمجتمع من وجهة نظرهم. واحتل العامل الديني الترتيب الاول من بين العوامل التي دفعت ارباب الاسر الى تزويج بناتهم في سن صغيرة(4). واشارت دراسة اخرى عن تعدد الزوجات الى العامل الديني بوصفه احد اهم العوامل التي شجعت على الزواج بأكثر من امرأة(5).
وكان العامل الديني او (القناعة الدينية) سبباً في دفع الكثير من الاسر الى العزوف عن الزواج المدني والاكتفاء بعقد السيد عند تزويج الفتاة. وكشفت المقابلات التي اجريت مع عدد من الرجال الذين تزوجوا خارج المحكمة ان هناك قناعة سائدة واعتقادا بأن العقد المدني في المحاكم المختصة غير شرعي، ويعزا البعض ذلك الى ان القاضي لا يمتلك المؤهلات التي يمتلكها رجل الدين وتؤهله لعقد القران، فيما يرى البعض الآخر انها الصيغة المتبعة في المحاكم لا تتضمن الشروط التي يتضمنها عقد السيد مثل صيغة الايجاب والقبول.
وقد مارس رجال الدين دوراً فاعلاً في عزوف الافراد من معتنقي المذهب الشيعي عن الزواج المدني من خلال التشجيع والحث على الزواج المبكر، وفتح مكاتب خاصة (بالزواج والطلاق الشرعي) والتشكيك بشرعية الزواج المدني ما اعطى الرخصة بتجاوز القوانين المنظمة لعملية الزواج، واللجوء الى الاجراءات العرفية في عقده او فسخه.
عودة للممارسات التقليدية والعرفية الضارة المتعلقة بالزواج
تسمح التعديلات التي قدمها البرلمان على قانون الأحوال الشخصية لاسيما ما يتعلق منها بإبرام الاشخاص عقود الزواج والطلاق وفق فقه طائفتهم وعلى يد مخول شرعي ومن دون حق الاعتراض من محاكم الدولة، بعودة الممارسات العرفية الضارة المتعلقة بالزواج والمحظورة وفقاً للقانون العراقي، والتي تصنف على انها زواج استعبادي ومن أهم اشكاله، الزواج القسري وزواج الصغيرات، ومنح الفتيات كهدايا او تقديم الزوجات للحصول على مهر (بيع الزوجات) وتوريث الزوجات، وزواج الفصلية والبدل والنهوة. وتمثل جميع هذه الانماط من الزيجات علاقة مفروضة على المرأة ودون رضاها وهي زواج استعبادي وفقا لتعريف المقررة الخاصة المعنية بأشكال الرق المعاصرة(6). اذ تعامل النساء والفتيات في إطار هذه الزيجات بوصفهن مجرد سلعة لتقوية اواصر الاسرة والحفاظ على شرفها، وأداة مالية يمكن ان تحسن الوضع المعيشي للعائلة، فلا يؤخذ رأيها بالزواج ولا تطلب موافقتها. والنساء اللواتي يخضعن لهذا النوع من الزواج يستعبدن منزلياً وجنسياً باستخدام القوة او التهديد باستخدامها.
زواج الطفلات
يرتبط الزواج خارج المحكمة بزواج الصغيرات وهو ما يشكل انتهاكا خطيرا لحقوق الاطفال. ويعد زواج الاطفال زواجا قسريا طبقا للقانون الدولي، الذي أكد على عدم قدرة الطفل على ان يبدي موافقته المستنيرة على الزواج، وعدّ بالتالي زواج الصغيرات زواجاً قسرياً ويندرج ضمن الممارسات الشبيهة بالرق.
وتكشف نتائج الدراسات الميدانية عن تفاصيل ذات ابعاد خطيرة فيما يتعلق بزواج الصغيرات. فأكثر من 58% من عينة النساء المتزوجات خارج المحاكم في دراسة أعدتها الباحثة حول الزواج خارج المحكمة قد تزوجن قبل بلوغهن السن القانوني للزواج والمحدد بـ18 سنة(7). أكثر من ثلث العينة لم تصل الى سن الخامسة عشرة عند الزواج وهو السن الذي استثنى فيه القانون العراقي شرط الاهلية للزواج بإتمام الثامنة عشرة واعطى القاضي الحق في تزويج الصغيرة في سن الخامسة عشرة. وبالعودة الى تفاصيل الأعمار يتضح ان (24) فتاة صغيرة وبنسبة (8،3%) من العينة قد تزوجن بعمر 11-12 سنة. وهو ما يشكل انتهاكا خطيرا لحقوق الاطفال. وتدفع هذه الارقام الى استنتاج ان الزواج خارج المحكمة يرتبط بدرجة كبيرة بظاهرة زواج الصغيرات.
يعرّف زواج الصغيرات وفقاً للقانون الدولي بأنه اكراه الفتيات او السماح او التغاضي عن زواجهن في سن يقل عن سن الرشد المحدد قانونياً. ويعد هذا الزواج قسرياً وانتهاكاً لمعايير حقوق الانسان(8) استنادا الى ان الاطفال غير قادرين بحكم تعريفهم على ابداء الموافقة او الرفض وتؤكد المادة 1 من الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق لعام 1956 ان الدول الاطراف ستقوم بإلغاء اي من الاعراف والممارسات التي تسمح لأحد الابوين او كلاهما او للوصي لتسليم طفل او مراهق دون 18 لأي شخص اخر لقاء عوض او بلا عوض على قصد استغلال الطفل او المراهق او استغلال عمله(9). ووفقا لكثير من المراقبين فإن ممارسة زواج الطفلة هو اضفاء الطابع المؤسسي المشروع اجتماعياً على الايذاء الجنسي والاغتصاب في اطار الزواج من بنات صغيرات السن جدا أحيانا(10).
وتشكل فتوة الأزواج أحد الخصائص المميزة للزواج خارج المحكمة، وبحسب الدراسة اعلاه فان 10% من الازواج قد تزوجوا قبل بلوغهم السن القانوني للزواج والبالغ 18 سنة. في حين بلغت نسبة الازواج الذين تزوجوا بعمر يتراوح ما بين 18-22 سنة (36%)، ويترتب على صغر اعمار الرجال عند الزواج وفتوة اعمارهم الحالية أبعاد متعددة فهو يجعلهم يتحملون مسؤوليات الحياة الزوجية بعمر صغير، ويتركون التعليم احياناً لتوفير متطلبات الحياة الاسرية، كما يجعلهم معتمدين على عائلتهم الكبيرة في تسيير امور حياتهم مما يحد من استقلاليتهم. وقد ينجم عن فتوة الازواج عدم قدرتهم على ادارة الحياة الزوجية بسبب عدم النضج النفسي والعقلي والانفعالي، ما تترتب عليه مشكلات عديدة غالباً ما تنتهي بالطلاق وهو ما تؤكده الاحصاءات الرسمية حول تزايد نسب الطلاق، المرتبط بشكل خاص بصغر عمر الزوجين.
تسكن ثلثا عينة النساء المتزوجات خارج المحكمة 67،1% بعد زواجهن مع أهل الزوج، وهو ما يسمى بالسكن الابوي، ولهذا النظام من السكن ابعاده وآثاره اذ يؤدي الى تركز السلطة بيد كبار السن وفرض سلطة جديدة على الفتاة وهي سلطة اهل الزوج. كما انه يؤدي في الغالب الى الاستعباد المنزلي للزوجة حيث يكون عليها خدمة الزوج وخدمة اهله، ويتيح لعائلة الزوج التدخل في شؤونها.
الزواج القسري
معظم الزيجات القسرية تبرم خارج المحكمة لكونها مجرمة قانونياً، وقد بينت الدراسة حول الزواج خارج المحكمة ان ربع الزيجات التي تبرم خارج المحكمة 25% هي زيجات قسرية تمت بالإكراه. وعادة ما يتم تزويج الفتيات بناء على قرار يتخذه الاهل ولا دخل للفتاة فيه، وأكثر من ثلث العينة لم يتم اخذ رأيها او موافقتها بهذا الزواج.

ومن الضروري عند قراءة هذه النسب مراعاة ان اخذ رأي الفتاة وموافقتها لا يعني بالضرورة، ان هذا الزواج لم يتم ضد ارادة الفتاة او لم يفرض عليها. اذ غالباً ما يفاجئ الاهل بناتهم بقرار تزويجهن من باب العلم فقط. ولا تملك النساء والفتيات حق رفض الزواج او القدرة على مقاومة حدوثه.
وحتى في الحالات التي يتم فيها الزواج بعلم الفتاة ورضاها الا ان ثمة حقيقة مهمة وهي ان الكثير من الفتيات يضطررن للقبول بالمتقدم للزواج بهن أملا بالتخلص من نظام الضبط والتضييق الاسري الذي يفرض قيوداً صارمة على حركتهن وعلى حياتهن. من جهة اخرى تفقد موافقة الفتيات اهميتها إذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان زواج الاطفال يعد زواجا قسريا طبقا للمواثيق الدولية، التي أكدت على عدم قدرة الطفل في ان يبدي موافقته المستنيرة على الزواج واعتبرت بالتالي زواج الصغيرات زواجاً قسرياً ويندرج ضمن الممارسات الشبيهة بالرق.
حظر القانون العراقي الزواج القسري واعتبرت الفقرة (1) من المادة التاسعة من قانون الاحوال الشخصية الاكراه في الزواج جريمة ينال مرتبكها عقوبة الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات او بالغرامة(11). ورغم ذلك تضطر غالبية النساء اللاتي تزوجن قسراً للبقاء مع الزوج لعدم امتلاكهن التسهيلات والوسائل للتخلص من هذا النوع من الزواج. فمعظمهن في سن لا يسمح لهن بالتقدم بدعوى الى المحاكم وعندما تبلغ المرأة سن الثامنة عشرة يكون قد مضى على زواجها عدة سنوات ولديها اطفال. كما ان القيم والتقاليد السائدة لا تشجع المرأة على ترك منزل الزوجية، ولا تقدم الدعم الكافي، ولا توجد اشارة لأية حادثة حصلت فيها المرأة على انهاء الزواج بالإكراه.
أقر فريق الامم المتحدة العامل المعني بأشكال الرق المعاصر بان الزواج بالإكراه والزواج القسري هو شكل من أشكال الرق المعاصر والاتجار بالأشخاص والاستغلال الجنسي. وهو شكل من اشكال الاغتصاب يستخدم فيه مفهوم الزواج لإخضاع الضحايا للجاني (الزوج) بحيث تكون الفتاة ملزمة للخضوع الى زوجها وفقا للأعراف والتقاليد. ويرتبط الزواج القسري بالعديد من الجرائم المصنفة على انها جرائم ضد الانسانية وفقا للقانون الدولي الانساني لاسيما الاتجار بالأشخاص استناداً الى انه يمثل نقل الفتاة او المرأة وايوائها دون موافقتها باستعمال القوة والتهديد او التلويح بمزايا مالية او عينية واستغلالها جنسياً او في خدمة الزوج او الاستعباد.
الزيجات المتعلقة بممارسات عرفية ضارة للمرأة
نسبة غير قليلة من الزيجات التي تبرم خارج المحكمة تمت بناءً على تسوية عشائرية او زواج بدل او نهوة. وبحسب نتائج الدراسة فان 13% من الزيجات التي ابرمت خارج المحكمة هي زيجات غير مسموح بها قانوناً وترتبط بممارسات ضارة بالمرآة.
بلغت نسبة النساء المتزوجات خارج المحكمة اللواتي تم اعطاؤهن وتزويجهن كتعويض في الفصل العشائري (فصلية) 5.2%. وتعد موضوعة الفصلية اي اعطاء المرأة كتعويض في الفصول العشائرية، واحدا من اهم المؤشرات الدالة على تدني وضع المرأة في العراق اذ جعلت المرأة بموجب هذا النظام اداة للتبادل ما بين الرجال وتستخدم لسداد ديونهم وهو ما يعني حط رمزي لمكانة المرأة. والمعروف ان المرأة المأخوذة كتعويض (الفصلية) يساء معاملتها من قبل الزوج واهله وتعيش حياة الامتهان والاستغلال والظلم المضاعف، فالزواج بمثل هؤلاء النسوة لا يتم رغبة فيهن ولا تطلب ايديهن من اهاليهن وانما يؤخذن كغرامة وينتزعن من الخصوم.
ومع ان هذه الظاهرة قد انحسرت خلال العقود الثلاثة الاخيرة وابتدع العرف العشائري مفهوم حطام المرأة خلال التسعينيات من القرن الماضي اي دفع مبلغ مالي عوضاً عن النساء. إلا ان هناك مؤشرات كثيرة تدل على عودة هذ الظاهرة واحيائها من جديد بعد 2003. كما ان هذه العادة ما زال يعمل بها في العشائر الكردية اذ وثق مكتب متابعة العنف ضد المرأة التابع لوزارات الداخلية في اربيل 145 حالة من ادعاءات بالزواج القسري واستخدام المرأة تعويضاً في النزاعات العائلية والعشائرية(12).
ومن انماط الزواج الاخرى المرتبطة بممارسات وأعراف ضارة بالمرأة التي كشفت عنها نتائج البحث، زواج البدل المعروف باللهجة الدارجة بزواج (كصة بكصة). والذي يعني ان يتزوج الرجل من أخت رجل آخر مقابل ان يزوجه اخته. بحيث يكون مصير الزيجتان مترابطين فطلاق واحدة من النساء او تعنيفها يعرض زوجة الآخر الى الطلاق او التعنيف. وقد بلغ عدد النساء اللاتي تزوجن بطريقة البدل 11 امرأة وبنسبة تقارب 4% من مجموع عينة الدراسة.
كما اشارت 12 امرأة وبنسبة 4.1% من عينة النساء المتزوجات خارج المحكمة الى انهن تزوجن وفقاً لنظام (النهوة)، ومعنى النهوة ان يمنع ابن العم زواج بنت عمه عندما يتقدم لخطبتها شخص ما من العشيرة او من خارجها فهو نظام يعطي لابن العم الحق المطلق في الزواج من ابنة عمه، وتمثل النهوة شكلا من اشكال الزواج القسري اذ تجبر فيه المرأة على الزواج من شخص لا يكافئها احياناً ولا تريده او يؤدي الى تعطيلها ومنع زواجها من اي شخص يتقدم لها في حالة رفض الفتاة ان تتزوج من الناهي. ومع ان هذه الظاهرة قد انحسرت خلال العقود الماضية بسبب وضوح قانون الاحوال الشخصية الذي منع الاقارب أو الاغيار اكراه أي شخص على الزواج دون رضاه، واعتبر الزواج بالإكراه باطلا ما لم يتم الدخول. ولكن يبدو وكما تشير نتائج الدراسة الحالية ان هذ الممارسات التي ترتبط بأعراف وعادات عشائرية قد عادت الى حقل الممارسة الاجتماعية بعد تعاظم دور العشيرة وتفوقها على سلطة القانون إثر التحولات التي رافقت سقوط النظام بعد 2003.
توريث الزوجات (زواج الارملة من شقيق الزوج المتوفي)
زواج الارملة من شقيق الرجل المتوفي عرف لا يمكن اعتباره شائعاً او ملزماً في العراق وإن كانت هناك مصادر تشير الى انتشاره في مناطق كوردستان، غير ان العديد من العوائل تتبع هذه الممارسة عند وفاة أحد اولادها حيث تقوم بتزويج أرملة المتوفى الى شقيق الزوج. انتشرت هذه الظاهرة بشكل واسع خلال حرب الخليج الاولى في ثمانينيات القرن الماضي لاسيما في الارياف حيث كانت أرامل الحرب تتزوج من شقيق الزوج المتوفى للاحتفاظ والمحافظة على الامتيازات التي كانت تتمتع بها (زوجات الشهداء) من قطع اراض وراتب تقاعدي وسيارات حديثة كانت الدولة تمنحها لزوجة (الشهيد). ويعتقد ان هذا النوع من الزواج تقلص وانحسر الى حد كبير.
يشكل مثل هذا الزواج شكلاً من الحماية للمرأة واطفالها خاصة في المجتمعات التي تعتمد فيها المرأة على الرجال (الازواج) اعتماداً تاماً في إعالة الاطفال، ويسمى إلزام شقيق الزوج بالزواج من ارملة شقيقه في بعض المجتمعات بزواج (السلفة)(13) ولم نجد له تسمية مناظرة لهذه التسمية في العراق.
تضطر الأرامل للقبول بهذا الزواج في أغلب الاحيان لتتمكن من الاحتفاظ بأطفالها وايجاد من يتولى مسؤولية إعالتهم، فزواجها من رجل غريب يسقط عنها حضانة الاطفال وفقاً للأعراف السائدة. وانقطاع علاقتها بأهل الزوج يمكن ان لا يسمح لها بالاحتفاظ بالأطفال، وقد لا يستقبل أهل الارملة أطفال ابنتهم بعد ترملها لاسيما إذا كانت اوضاعهم المادية لا تسمح بإعالتهم.
أُجبرت ايمان على الزواج من شقيق زوجها المتوفى الذي لم يكن راغباً بالزواج منها وكان قرار الزواج قد اتخذه والد الزوج المتوفى. تتحدث ايمان عن معاناتها مع هذا الزواج وكيف انها لم تمتلك حق الرفض رغم علمها بعدم رغبة شقيق الزوج في الزواج منها.
تتعرض النساء المتزوجات من شقيق الزوج (وبطريقة التوريث) الى الاذلال والاستعباد المنزلي والعنف بمختلف انواعه وذلك لان الزواج من هذه النسوة لم يكن رغبة بالاقتران بهن وانما استجابة واذعان للعادات والأعراف.
إن جعل الزوجة ارثا ينتقل عند وفاة زوجها الى شخص اخر، عادة حرمها الاسلام ونهى عنها، رغم انه لم يعارض او يحرم زواج الارملة من شقيق زوجها.
تزويج الفتيات مقابل الحصول على المهر/بيع الزوجات
تجبر العوائل بناتها على الزواج في سن صغير جدا احياناً بسبب الاوضاع المعيشية الصعبة التي تعاني منها. وتكشف الدراسات الميدانية ان العديد من الفتيات يزوجن في سن مبكرة للحصول على مهر (السياك) في ممارسة تشبه الى حد كبير ظاهرة بيع الزوجات الذي يمثل شكلاً من أشكال الزواج الاستعبادي ويصنف كممارسة شبيهة بالرق حيث تقدم الفتيات للزواج ولأكثر من مرة احيانا للحصول على مهرهن. بعض الاسر زوجت بناتها القصر من رجال كبار في السن يتمتعون بوضع مالي جيد. يرتبط الزواج القسري وزواج الصغيرات بالفقر بعلاقة طردية فهو يمارس داخل الاسر الفقيرة بزيادة مقدارها ثلاثة اضعاف مرة مقارنة بالأُسر الغنية بحسب احصائية قدمتها اليونيسيف. وتؤكد الدراسات بأن الفتيات كن يجبرن على الزواج من اشخاص لا يرغبون بهن للتخلص من مسؤولية اعالتهن بسبب الفقر.
وغالبا ًما يقوم الاهل لا سيما المنحدرين من خلفيات عشائرية بتزويج بناتهم بعمر صغير جدا للحصول والاستفادة من المهر الذي يقدمه اهل العريس، والمهر في المجتمعات الاسلامية هو مبلغ من المال يقدمه الرجل لعروسه ولا يحق لأهلها بحسب الشريعة الاسلامية ان يستفيدوا منه. في العراق لا تقدم العائلات مثل هذه المبالغ نقدا وانما على شكل اثاث وتجهيزات ومصوغات ذهبية غير ان بعض العائلات لاسيما من خلفيات عشائرية وريفية تستلمه نقدا ويسمى (سياك).
الجدير بالذكر ان دفع المهور واستلامها من قبيل الاهل لا يعني بيع الزوجة ففي إطار ثقافة المجتمعات الاسلامية فان الصداق او المهر يشكل ركناً اساسياً من أركان الزواج وشرطا من شروط عقده ولا يعد عقد الزواج صحيحاً ما لم يتضمن صداق المرأة ومهرها وهذا المهر لا يجعل من الزواج صفقة بيع او شراء ولا يجعله شكلا من الزواج الاستعبادي أو ممارسة شبيهة بالرق مالم يتم اجبار الفتاة على هذا الزواج ودون موافقتها ومالم يكن الغرض منه هو الحصول والاستفادة من مهرها.
الزواج خارج المحاكم وتعدد الزوجات
يرتبط الزواج خارج المحكمة بشكل او بآخر بظاهرة تعدد الزوجات، إذ يمكن ان يكون (زواج السيد) وسيلة للالتفاف على القانون الذي حظر الزواج بأكثر من امرأة الا بإذن من القاضي وبشرط تحقق القدرة على اعالة زوجتين وتوافر المصلحة وامكانية العدل ما بين الزوجات.
لم يكن هناك ما يمنع الرجل من ان يتزوج أكثر من زوجة بغض النظر عن موقف الزوجة من الامر، الى ان جرى تعديل قانون الاحوال الشخصية في نهاية السبعينات ليصبح الزواج بامرأة ثانية مشروطا بموافقة الزوجة الاولى. الغي هذا الشرط عام 1993، وتم السماح للرجل بالزواج من امرأة ثانية او ثالثة دون الرجوع الى موافقة الزوجة الاولى(14).
يفرض الزواج النظامي داخل المحكمة اجراءات وشروطا معقدة لغرض الحد من الزواج المتعدد مما يدفع بمن يريد الزواج من امرأة ثانية او ثالثة تجاوز هذه الاجراءات من خلال ابرام العقد خارج المحكمة.
وهو ما أكدته الدراسة الميدانية حول الزواج خارج المحكمة اذ أقرت 56 امرأة من عينة الدراسة وبنسبة تقارب الـ 20% على ان شكل الزواج هو تعددي حيث يمكن تعريف الزواج التعددي بانه نظام يسمح بمقتضاه للرجل بالتزوج من عدة زوجات. وقد اظهرت النتائج ان أكثر من 82% من النساء في الزواج المتعدد والبالغ عددهن 56 امرأة كن زوجات ثانيات او ثالثات أما من كان ترتيبها الاولى بين الزوجات فلم تتجاوز نسبتهن 17،8%.
ويلجأ البعض لممارسة حيلة للالتفاف على القانون والزواج بامرأة ثانية تتمثل بقيام الزوج بإبرام العقد عند سيد (خارج المحكمة) ويسكن معها في دار واحدة وبعد ذلك يقوم الزوج بإبلاغ مركز الشرطة بوقوع الزواج الثاني ويتم ايقاف الزوج ليوم واحد ومن ثم تقوم المحكمة بعد ذلك بالاعتراف رسمياً بالزواج الثاني وتصديقه لكون الامر قد وقع ويتعلق بالحل والحرمة.
وثمة تحولات طرأت على دوافع الزواج من امرأة اخرى ففي دراسة اعدت سنة 1998 حول تعدد الزوجات في محافظة القادسية تبين ان اهم الدوافع التي تقف وراء الزواج بأكثر من امرأة هي الرغبة في الحصول على عدد كبير من الابناء لاسيما الذكور. ووجود علاقة عاطفية والرغبة في الحصول على زوجة ذات مستوى ثقافي عال. وكبر سن الزوجة الاولى، وسوء العلاقة الزوجية(15).
إلا ان هذه الدوافع تغيرت بعد التحولات التي طرأت على المجتمع بعد 2003 فأصبح وجود علاقة عاطفية، وتشجيع الدين وإباحته للزواج بأكثر من امرأة وايضاً بسبب منع او حظر اقامة علاقات جنسية خارج اطار الزواج(16)، هي الاسباب الدافعة وراء تعدد الزوجات.
الزواج خارج المحكمة والطلاق
يترتب على الزواج خارج المحكمة تداعيات كثيرة. لعل اهمها سهولة التفريط بالعلاقة الزوجية من خلال الهجر أو الطلاق، اذ لا يترتب على فسخ الرابطة الزوجية اي التزامات قانونية. وقد كشفت الدراسة الحالية ان ثلث النساء المتزوجات خارج المحكمة مهجورات ومطلقات.
يتذرع الكثير من مناهضي قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، بازدياد حالات الطلاق في دفاعهم عن التعديلات المقترحة، معلنين ان هناك إمكانية للحد منها عبر العودة الى احكام المذاهب، لاسيما المذهب الجعفري. حيث أدلت به المدافعات عن التعديل: لا يوجد في المذهب الجعفري شيء اسمه الطلاق. ربما لا يعلم هؤلاء، ان واحداً من اهم أسباب ارتفاع حالات الطلاق في العراق هو اللجوء الى رجال الدين لإنهاء زواجهم خارج المحاكم.
ويساهم الكشف عن ظروف الطلاق في فهم ظاهرة الزواج خارج المحكمة وتفسير ابعادها. ففيما يتعلق بالإجراءات فإن ما يقرب من ثلثي حالات الطلاق 68.8% يقع خارج المحكمة وعند رجل الدين (السيد) بحسب نتائج الدراسة الميدانية. و5% من حالات الطلاق تمت بصورة شفهية (اي باطلاق الزوج لعبارة الطلاق) بدون اي وثيقة تثبت ان المرأة قد طلقت. ويترتب على اجراء الطلاق عند السيد ضياع حقوق المرأة، ليس في المهر والنفقة فقط، وانما حرمانها من الحماية التي تقدمها الدولة للنساء المطلقات منها راتب الرعاية الاجتماعية المخصص للأرامل والمطلقات. اما من يتخذ قرار الطلاق فقد اظهرت النتائج ان الزوج في الغالب هو من يتخذ قرار الطلاق. اذ بلغت نسبة حالات الطلاق التي تتم بناء على قرار يتخذه الزوج 48 %، اما حالات الطلاق التي تتم باتفاق الزوج والزوجة على انهاء الرابطة الزوجية فقد بلغت 25% في حين بلغت نسبة حالات الطلاق التي تمت بناء على رغبة الزوجة فقط 19% وساهم الاهل في اتخاذ قرار الطلاق لـ 8% من الحالات.
وثمة سببان جاءا في الترتيب الاولي من بين الاسباب التي ادت الى الطلاق، الاول عدم وجود تبعات قانونية او التزامات مادية تترتب على الطلاق نتيجة لعدم توثيق الزواج في المحاكم المختصة. والثاني رغبة الزوج في الزواج من امرأة أخرى. وكلا السببين يشيران الى مدلول واحد، يتمثل بسهولة ترك الزوجة اما من خلال استبدالها بزوجة اخرى او بالتخلي عنها بدون اي التزامات يؤديها الزوج تعويضاً لها.
الجدير بالإشارة ان هناك فصلا عشائريا يترتب على ترك الزوجة لزوجته او طلاقه منها. اذ يتولى القضاء العشائري (غير الرسمي) الحسم في قضايا الطلاق للأفراد المصنفين عشائرياً، وقد اشارت المبحوثات اللاتي تمت مقابلتهن في مركز الدعم التابع لجمعية نساء بغداد الى حصولهن على بعض حقوقهن خلال جلسة عشائرية. الا ان الفصل في مثل هذه القضية يحتاج ان يكون للفتاة عشيرة قوية، ويكون لأهلها مكانة وحظوة داخل البناء العشائري للتمكن من استرداد حقوقها. وغالبا ما يفرض القضاء العشائري قرارات واوضاعا على المرأة لا تستند الى معايير الانصاف والعدالة، ذلك ان هذا القضاء مسيطر عليه من قبل الرجل ولا يستطيع التعامل بفعالية وانصاف مع قضايا النساء بسبب منطق الهيمنة الذكورية التي تتناسب عليها المنظومة المفاهيمية للعشيرة. لذلك لا نستطيع ان نقول ان العشيرة قد طورت منظومة من الالتزامات تفرض على الزوج تكون بديلا منصفاً للمرأة يعوض عن القضاء الرسمي، فأكثر من نصف النساء المطلقات في عينة الدراسة لم يحصلن على حقوقهن في المهر والنفقة. في حين بلغت نسبة اللاتي حصلن على جزء من حقوقهن خلال جلسة عشائرية 31.3%. ولم تتجاوز نسبة اللاتي حصلن على حقوقهن في المهر والنفقة 14.2%، اما فيما يتعلق بإثبات بنوة الاطفال فقد اظهرت النتائج ان أكثر من نصف المطلقات ممن لديهن اطفال لم يتمكن من اثبات بنوة الاطفال، مما يعني ان هؤلاء الابناء سيكبرون بدون ان يكون لديهم هوية احوال مدنية ولا وجود لهم في سجلات الدولة الرسمية بكل ما يترتب عليه من حرمان من التعليم والعمل اللائق والزواج الرسمي والسفر ومن جميع فرص الحياة. كما يتضح من نتائج الدراسة ان ما يقرب من 59% من عينة الامهات لم يحصلن على نفقة لابنائهن بسبب عدم قدرتهن على تصديق الزواج وتصديق الطلاق.
انكار تصديق وتسجيل الزواج
سمح القانون العراقي للعاقدين خارج المحكمة ان يصدقوا العقد لاحقا. وذلك من خلال اقامة اي من الزوجين دعوى امام محكمة الاحوال الشخصية لتصديق عقد الزواج، عند ذلك يقوم القاضي بإحالة الزوج الى محكمة التحقيق تنفيذا للمادة (10) من قانون الاحوال الشخصية والتي تنص على عقوبة السجن أو الغرامة مع وقف التنفيذ غالباً(17). ومع ذلك فان 36.3% من الزيجات لم تصدق وتواجه خطر الانفراط، وفك الرابطة الزوجية. اما في حالة اختفاء الزوج او انكاره للزواج او وفاته او رفضه الحضور الى المحكمة، فالمشكلة التي تواجه الكثير من النساء المتزوجات خارج المحكمة هي تقديم ما يثبت العقد الشرعي او ما يثبت هوية الزوج.
غالباً ما يكون قرار تصديق الزواج وتسجيله بيد الزوج. اما الاسباب التي منعت تصديق هذه الزيجات فقد جاء امتناع الزوج عن تصديق الزواج بالمرتبة الاولى يليه من حيث الترتيب عدم الاهتمام بتصديق الزواج ثم يأتي عدم وصول الزوجة الى السن القانونية التي تسمح بتصديق الزواج بالمرتبة الثالثة، يليه رفض اهل الزوج وكثرة المشاكل في التسلسل الرابع. بعد ان أصبح الزواج خارج المحاكم فترة اختبار للزوجة يستعاض بها عن فترة الخطوبة التي تسمح بمعرفة مدى توافق الخاطبين.
على سبيل الخاتمة
يحاول مؤيدو التعديل إقناع جماهيرهم بأن إقرار التعديلات سيكون كفيلاً بالحد من تصاعد في حالات الطلاق والتخلص من المشكلات الناتجة عن ابرام عقود الزواج خارج المحاكم، من خلال اباحتها بإلغاء دور المحاكم ورفع العقوبة عن كل من يقدم على الزواج خارج المحكمة. مستندين الى المادة 41 من الدستور التي تنص على حرية العراقيين في التحاكم في أحوالهم الشخصية طبقاً لأديانهم ومذاهبهم، محاججين بأن التعديل المقترح لا يلغي قانون الأحوال الشخصية ولا يتعارض معه وانما يوسع خيارات الفرد ويجعله حرا في اختيار القانون المدني النافذ او المدونة الفقهية. لكن التعديلات تنسف قانون الأحوال الشخصية النافذ. وتلغي اهم ما جاء فيه وهو تسجيل الزواج.
رافق تقديم مشروع مسودة الأحوال الشخصية حملة ممنهجة تأييداً لتعديل قانون الأحوال الشخصية، استخدمت فيها مختلف آليات التعبئة الإلكترونية لدعم التغييرات المقترحة. على سبيل المثال، وصل عدد التدوينات الرافضة للمقترح إلى 1600 تغريدة عبر وسم # لا_لتعديل_قانون الأحوال_الشخصية، وتخطى إجمالي المنشورات المؤيدة للمقترح 34 ألف منشور عبر وسمَي #تعديل_قانون_الأحوال_مطلبنا و #نعم_لتعديل_قانون_الأحوال_الشخصية اعتمدت الحملة على شبكة من الحسابات الوهمية ذات العدد المنخفض من المتابعين. وتركز نشاط هذه الحسابات على نشر وإعادة مشاركة المحتوى الصادر من الحسابات الكبرى، بالإضافة إلى تولي مهمة الردود والتعليق بعبارات متكررة على الحسابات الأخرى. وطوّعت هذه الحملة سلاح الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنتاج مواد مصوّرة تظهر تظاهرات مؤيدة للتعديلات(18).
لم يتم الاستماع الى معارضي التعديلات من ناشطين وبرلمانيين وحقوقيين ومنظمات مجتمع مدني الذين انتظموا ليشكلوا تحالفاً ضد تمرير هذه التعديلات مما يجعل من الإصرار على تمريرها لا يهدد بتشظي الهوية العراقية وتقسيم المجتمع وضياع حقوق النساء والأطفال فحسب وانما تهديداً للحيز المدني في العراق الذي لا يمكن ان يقوم دون مشاركة حقيقية من الناس في صناعة القرارات المصيرية للبلد.
الهوامش
- تنص المادة (2) من مقترح التعديلات على الغاء الفقرة (5) من المادة (10) من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 النافذ. ليحل محلها "تصدق محكمة الأحوال الشخصية عقود الزواج التي يبرمها الأفراد البالغون من المسلمين على يد من لديه تخويل شرعي او قانوني من القضاء من ديواني الوقف الشيعي والسني بإبرام عقود الزواج بعد التأكد من توافر أركان العقد وشروطه وانتفاء الموانع بين الزوجين".
- كريم محمد حمزة، الزواج المبكر للفتيات دراسة اجتماعية في العراق، معهد المرأة القيادية، بغداد 2012، ص
- مضاوي الرشيد، تكريس التسلط على المرأة من خلال البنى المجتمعية، موقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، المكتب العربي، 2009.
- حمزة، ص84.
- بروين حسين علي، تعدد الزوجات الاسباب والاثار، دراسة ميدانية في مدينة الصدر، رسالة ماجستير، جامعة بغداد - كلية الآداب - قسم علم الاجتماع، 2012.
- تقرير المقررة الخاصة المعنية بأشكال الرق المعاصرة بما في ذلك أسبابه وعواقبه، تقرير موضعي عن الزواج الاستعبادي، الجمعية العامة للأمم المتحدة، 2019، ص
- شملت الدراسة التي أجرتها الباحثة لصالح جمعية نساء بغداد في العام 2016 (300) امرأة متزوجة خارج المحكمة في مدينة الصدر اما الاداة الرئيسة لهذا البحث فهي الاستبانة.
- الامم المتحدة/ الجمعية العامة/ مجلس حقوق الانسان / الدورة الرابعة/ تنفيذ قرار الجمعية العامة 60/251 المؤرخ 5 اذار 2006، الزواج القسري، ص
- تقرير المقررة الخاصة المعنية بأشكال الرق المعاصرة، ص6
- الامم المتحدة / الجمعية العامة/ ..... الزواج القسري، ص9
- هادي عزيز علي، سيداو والمرأة والتشريعات العراقية، المركز العربي لتطوير حكم القانون، بيروت، 2014، ص
- أسماء جميل رشيد، العوامل المرتبطة بظاهرة الزواج خارج المحكمة والاثار المترتبة عليه - دراسة ميدانية في مدينة الصدر، جمعية نساء بغداد،
- باعتقاد علماء الاجتماع فإن زواج الأخ من أرملة أخيه هو وسيلة لرعاية الأرامل، وطريقة لحماية كل من الأرملة وأطفالها، الذين سيعتني بهم الأخ الأصغر للمتوفى، علاوة على ذلك فهو وسيلة لضمان الاستقرار، فالأرملة لن تصبح جزءًا من عائلة أخرى، وتأخذ معها أموال المتوفى، ومع ذلك لا تقبل جميع الأرامل هذه الممارسة. ينظر: شريهان حوامدة: ظاهرة زواج الاخ من أرملة أخيه. نشر بتاريخ 29 اكتوبر https://e3arabi.com/sociology
- جاء هذا التغير ضمن سياق الحملة الايمانية التي أطلقت في العراق في حزيران 1993 هدفت إلى اتباع سياسة أكثر محافظة وتشددا اجتماعيا.
- حسين عذاب عطشان الجبوري، العلاقة بين تعدد الزوجات والإنجاب -تحليل مقارن بين الريف والحضر في محافظة القادسية، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة بغداد، كلية الآداب، بغداد، 1998
- بروين حسين
- مقابلة مع القاضي احمد نعمة.
- https://daraj.media/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%