
في البداية، وقبل الدخول في موضوع التعديل على قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، من الضروري الحديث عن القانون المذكور لتكون امام القارئ صورة سلسة بعد الدخول في تفاصيل التعديلات المقترحة.
تم تشريع قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 بتاريخ التاسع عشر من كانون الاول لسنة 1959، واعتبر تشريع هذا القانون واحدا من الانجازات المهمة التي حققتها ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة. ويتكون القانون من اربع وتسعين مادة موزعة على تسعة ابواب وهي: الزواج، الحرمات وزواج الكتابيات، الحقوق الزوجية واحكامها، انحلال عقد الزواج، العدة، الولادة ونتائجها، نفقة الفروع والاصول والاقارب، في الوصية، في احكام الميراث.
ومن بين ما تضمنته الاسباب الموجبة لتشريع القانون، ان الاحكام الشرعية للأحوال الشخصية لم تكن قد شرعت في قانون واحد يجمع اقوال الفقهاء. بمعنى ما هو المتفق عليه والأكثر ملاءمة للمصلحة الزمنية. وكان القضاء الشرعي يستند في اصدار احكامه على النصوص المدونة في الكتب الفقهية والى الفتاوى في المسائل المختلف عليها والى قضاء المحاكم في البلاد الاسلامية. وقد وجد ان في تعدد مصادر القضاء واختلاف الاحكام ما يجعل حياة العائلة غير مستقرة وحقوق الفرد غير مضمونة، فكان هذا دافعاً للتفكير بوضع قانون يجمع فيه اهم الاحكام الشرعية المتفق عليها.
ومنذ انبثاق ثورة 14 تموز المجيدة جعلت من اهدافها الاولى وضع قانون موحد في احكام الاحوال الشخصية يكون اساساً لإقامة وبناء العائلة العراقية عهدها الجديد يكفل استقرار الاوضاع فيها، ويضمن للمرأة حقوقها الشرعية.
ومن المفيد ان نبين هنا نصوص مواد القانون النافذ، ومن ثم نطرح مقترحات التعديل المطروحة في مجلس النواب.
المادة الثانية
- تسري احكام هذا القانون على العراقيين الا من استثني منهم بقانون خاص.
- تطبق احكام المواد (19 و 20 و 21 و 22 و 23 و 24) من القانون المدني في حالة تنازع القوانين في حيث المكان.
مقترح التعديل
المادة -1-
يعدل نص المادة (2) من القانون باضافة فقرة (3) اليه وكالآتي:
3-أ- للعراقي والعراقية عند ابرام عقد الزواج ان يختار تطبيق احكام قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 او احكام المذهب الشيعي او السني لتطبق عليه احكامه في جميع مسائل الاحوال الشخصية، ويجوز لمن لم يسبق لهم اختيار تطبيق احكام مذهب معين عند ابرام عقد الزواج تقديم طلب الى محكمة الاحوال الشخصية وفق المذهب الذي يختارونه، ويجب على المحكمة الاستجابة لطلبهم وعند حصول الخلاف بين الزوجين بشأن المذهب الذي جرى ابرام عقد الزواج وفقاً لأحكامه، يعد العقد قد ابرم وفقاً لمذهب الزوج ما لم يتم الدليل على خلاف ذلك، واذا اختلفت اطراف القضية الواحدة في الاسرة بشأن تحديد مصدر الاحكام الواجب تطبيقها في طلبهم، فيعتمد الرأي الشرعي فيها.
ب- تلتزم المحكمة المختصة بالنسبة للاشخاص الوارد ذكرهم في الفقرة (أ) اعلاه ممن اختاروا تطبيق مذهب معين وعند اصدار قرار بها، وفي جميع مسائل الاحوال الشخصية بتطبيق احكام (مدونة الاحكام الشرعية في مسائل الاحوال الشخصية).
ت- يلتزم المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي والمجلس العلمي والإفتائي في ديوان الوقف السني بالتنسيق مع مجلس القضاء الاعلى بوضع مدونة الاحكام الشرعية في مسائل الاحوال الشخصية، وتقديمها الى مجلس النواب للموافقة عليها خلال (6) أشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون.
ث- تقسم مدونة الاحكام الشرعية على بابين: الاول ينظم احكام الاحوال الشخصية طبقاً للفقه الشيعي الجعفري، والاخر ينظم احكام مسائل الاحوال الشخصية طبقاً للفقه السني.
ويعتمد في وضعها على رأي المشهور عند فقهاء كل مذهب في العراق وفي حال تعذر تحديد الحكم المشهور في الفقه الشيعي الجعفري يعتمد المجلس العلمي رأي المرجع الديني الذي يرجع اليه في التقليد أكثر الشيعة في العراق من فقهاء النجف الاشرف، وفي حال تعذر تحديد الحكم المشهور في الفقه السني، فيؤخذ برأي المجلس العلمي والافتائي.
ج- ترجع المحاكم وتعتمد بعد نفاذ هذا القانون ولحين اقرار مدونة الاحكام الشرعية في مسائل الاحوال الشخصية وفي كل ما لم يرد به نص في تلك المدونة الى رأي المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي والمجلس العلمي والافتائي في ديوان الوقف السني كخبير في الاحكام الشرعية، ليجيبها وفقاً للمشهور في الفقه الشيعي والسني حسب المذهب الذي اختاره الشخص لتطبيق احكامه عليه. وفي حال تعذر تحديد الحكم المشهور في الفقه الشيعي فيرجع الى رأي المرجع الديني الذي يرجع إليه في التقليد اكثر الشيعة في العراق من فقهاء النجف الاشرف. وفي حال تعذر تحديد الحكم المشهور في الفقه السني فيؤخذ برأي المجلس العلمي الافتائي.
المادة -10-
الفقرة– (5) من قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنة، او بغرامة لا تقل عن ثلاثمائة دينار، ولا تزيد على ألف دينار، كل رجل عقد زواجه خارج المحكمة وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس سنوات إذا عقد خارج المحكمة زواجاً آخر مع قيام الزوجية.
مقترح التعديل
المادة (2) يلغى نص الفقرة (5) من المادة (10) من القانون ويحل محلها ما يأتي:
5- تصدق محكمة الاحوال الشخصية عقود الزواج التي يبرمها الافراد البالغون من المسلمين على يد من لديه تخويل شرعي او قانوني من القضاء او من ديواني الوقف الشيعي او السني بابرام العقد وشروطه وانتفاء الموانع بين الزوجين.
المادة (3)
اولاً / ينفذ هذا القانون من تأريخ نشره في الجريدة الرسمية.
ثانيا/ لا يعمل بأي نص يتعارض مع احكام هذا القانون.
الاسباب الموجبة:
انسجاماً مع ما اقرته المادة (2) من الدستور في انه لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام وما اقرته المادة (41) من ضمان حرية الافراد في الالتزام باحوالهم الشخصية وحسب مذاهبهم او اختياراتهم بتطبيق احكام قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل وبالشكل الذي يحافظ على وحدة الجهاز القضائي في تطبيق احكام القانون والاحكام الشرعية للأحوال الشخصية شرع هذا القانون.
- النصوص الدستورية التي يستند عليها المطالبون باجراء تعديل قانون الاحوال الشخصية:
- نص المادة (2/ اولاً) من الدستور
(اولاً- الاسلام دين الدولة الرسمي وهو مصدر اساس للتشريع
أ – لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام)
- نص المادة (41) من الدستور
(العراقيون احرار في الالتزام باحوالهم الشخصية، حسب ديانتهم او مذاهبهم او معتقداتهم او اختياراتهم وينظم ذلك بقانون)
- النصوص الدستورية التي يستند عليها المعارضون لاجراء التعديل
- نص المادة (2 / اولاً / ب / ج) من الدستور
(اولاً / ب / لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية)
(اولاً / حـ / لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور)
- نص المادة (87) في الدستور
(السلطة القضائية مستقله وتتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها وتصدر احكامها وفقاً للقانون)
ويطرح المعارضون للتعديل ضمن مبرراتهم ان مقترح التعديل الذي طرح على مجلس النواب في جلسته العاشرة/ الفصل الشريعي الثاني في السنة التشريعية الثالثة للدورة الانتخابية الخامسة والمقدم من قبل لجنتي القانونية والمرأة والاسرة والطفولة بتاريخ 16/ ايلول/ 2024 اكتفى بتعديل فقرتين ضمن مادتين من قانون الاحوال الشخصية النافذ من حين رحل جوهر التعديل الى مدونتين يتم اعدادهما لاحقاً من قبل كل من ديوان الوقف الشيعي وديوان الوقف السني وخلال ستة اشهر، وستتضمن القضايا الجوهرية للتعديل على ان يكتفي مجلس النواب بالتصديق عليها دون مرورها بمراحل تشريع القوانين (قراءة اولى، مناقشة، تصويت) ومن خلال متابعة الحركة الاجتماعية التي تطالب بسحب مقترح التعديل وعدم تمريره في معظمها هي ضمن محافظات المنطقة الوسطى والفرات الاوسط والمنطقة الجنوبية والتي تضم المواطنين المعنيين بمقترح التعديل مما يتطلب التريث بتمريره في الوقت الحاضر واجراء مناقشات واسعة وصولاً الى حالة من التوافق خاصة مع اصحاب المصلحة المعنيين بهذا التعديل.
العراق والمواثيق الدولية
من المعروف ان المواثيق الدولية التي صادق عليها العراق تعتبر جزءا من منظومته القانونية وعليه الالتزام بها وبخلاف ذلك يكون معرضاً للمساءلة وحسب ما تنص عليه تلك المواثيق.
ومن بين أبرز المواثيق الدولية التي صادق عليها العراق قدر تعلق الامر بموضوع بحثنا وهو تعديل قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 هي كل من:
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
- اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)
سنتناول كلاً من الاتفاقيتين آنفاً قدر تعلق الامر بموضوعنا
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
هي معاهدة متعددة الاطراف اعتمدتها الجمعية العامة للامم المتحدة في القرار 2200 المؤرخ في 16/ كانون الثاني/ 1966 ودخلت حيز النفاذ في 23/ آذار/ 1976. وكان العراق قد وقع على الاتفاقية في 18/ شباط/ 1969 وصادق عليها بتاريخ 25/ كانون الثاني/ 1971.
تتكون الاتفاقية من (53) مادة موزعة على ستة أجزاء. اما المواد التي تتعلق بموضوعنا والتي وردت ضمن المعاهدة الاتية:
- نص المادة (3) في المعاهدة والتي جاء فيها (تتعهد الدول الاطراف في هذا العهد بكفالة تساوي الرجال والنساء في حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في هذا العهد)
- كما نصت المادة (23) من العهد على الاتي:
- (الاسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية والاساسية في المجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.
- يكون للرجل والمرأة ابتداءً من سن الزواج حق معترف به للزواج وتأسيس اسرة.
- لا ينعقد اي زواج الا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاءً كاملاً لا اكراه فيه.
- تتخذ الدول الاطراف في هذا العهد التدابير المناسبة لكفالة تساوي حقوق الزوجين وواجباتهما لدى التزوج وخلال قيام الزواج وانحلاله وفي حالة الانحلال يتوجب اتخاذ التدابير لكفالة حماية الضرورية للأولاد في حالة وجودهم.
وتضمنت المعاهدة ضمن المادة (28) فيها انشاء لجنة تسميها (اللجنة المعنية بحقوق الانسان) من الدول الاعضاء تضمن حرية التعبير.
كما تضمنت المادة (40) من العهد على تعهد الدول الاطراف فيه بتقديم تقارير عن التدابير التي اتخذتها، والتي تمثل أعمالاً للحقوق بها وعن التقدم المحرز في التمتع بهذه الحقوق خلال سنة من بدء نفاذ العهد، وكما طلبت اللجنة ذلك. على ان تقدم اللجنة الى الجمعية العامة للامم المتحدة عن طريق المجلس الاقتصادي والاجتماعي تقريرا سنوياً عن اعمالها.
اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)
معاهدة دولية اعتمدتها الجمعية العامة للامم المتحدة عام/ 1979 وتمت المصادقة عليها في 3/ سبتمبر/1981 بعد ان وقعت عليها أكثر من (189) دولة بينها أكثر من (50) دولة وافقت مع بعض التحفظات.
انضم العراق الى الاتفاقية عام / 1986 وهو مستمر في تقديم التقارير السنوية لمنظمة الامم المتحدة لشرح التطور الحاصل في العراق في مجال حقوق المرأة وتوضيح الاجراءات المتخذة وبما يتلاءم مع قيمة ومكانة المرأة العراقية في المجتمع.
تتكون الاتفاقية من ثلاثين مادة موزعة على ستة اجزاء وعرّفت الاتفاقية مصطلح التمييز ضد المرأة في مادتها الاولى بأنه (اي تفرقة او استعباد او تقييد يتم على اساس الجنس. ويكون من آثاره او اغراضه النيل من الاعتراف للمرأة على اساس تساوي الرجل والمرأة بحقوق الانسان والحريات الاساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية او اي ميدان اخر او ابطال الاعتراف للمرأة بهذه الحقوق او تمتعها بها وممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجية).
نصت المادة (16) من الاتفاقية على (تتخذ الدول الاطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز في كافة الامور المتعلقة بالزواج والعلاقات الاسرية وبوجه خاص تتضمن تساوي الرجل والمرأة من خلال:
- نفس الحقوق في عقد الزواج
- نفس الحقوق في حرية اختيار الزوج وفي عدم عقد الزواج الا برضاها الكامل
- نفس الحقوق اثناء الزواج وعند فسخه
- نفس الحقوق والمسؤوليات كوالدة بغض النظر عن حالتها الزوجية في الامور المتعلقة بأطفالها وفي جميع الاحوال تكون مصالح الاطفال الرابحة.
- نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية او حيازة الممتلكات والاشراف عليها وادارتها مع التمتع بها والتصرف بها سواء بلا مقابل او مقابل عوض ذي قيمة).
كما نصت الفقرة (2) من المادة (16) على:
(لا يكون لخطوبة الطفل او زواجه أثر قانوني ويتخذ جميع الاجراءات الضرورية بما فيها التشريع بتحديد سن أدنى للزواج وجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي امراً الزامياً).
وتضمنت الاتفاقية ضمن المادة (17) فيها على:
تشكيل لجنة عند بدء نفاذ الاتفاقية مكونة من ثمانية عشر خبيراً تنتخبهم الدول الاعضاء في الاتفاقية ممن يتمتعون بالكفاءة والمقدرة يعملون بصفتهم الشخصية لمتابعة تنفيذ الاتفاقية.
ومن خلال اطلاعنا على ابرز مضامين كل من معاهدة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز العنصري ضد المرأة (سيداو) والتي انضم العراق إليها واصبحت جزءا من منظومته القانونية عليه الالتزام بما جاء فيهما، وخاصة ان هناك رقابة ومتابعة لالتزام الدول الاعضاء فيهما وفي ابسط الحالات وعند الاعلان عن انتهاك هذه الدول لمضامين هذه الاتفاقيات في مجالات المرأة و ممارستها لحقوقها سيكون موقف الدول التي تتم فيها هذه الانتهاكات ضعيفاً امام جميع الدول مما يتطلب الالتزام بهذه الاتفاقيات وخاصة عند اصدار التشريعات الخاصة بحقوق المرأة ولا تتضمن هذه التشريعات اي انتهاكات.
موقف المحكمة الاتحادية العليا من التعديل
استناداً الى نص المادة (93) من الدستور التي ورد ضمن الفقرة ثانياً منها (تفسير نصوص الدستور) والمادتين (19) و (24) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا التي تخول اياً من السلطات الثلاث تقديم طلب للمحكمة الاتحادية العليا لتفسير اي نص دستوري.
تقدم رئيس مجلس النواب بالنيابة (اضافة لوظيفته) بطلب الى المحكمة الاتحادية العليا لتفسير نص المادة (41) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 بموجب كتاب مجلس النواب/ مكتب الرئيس بالعدد (م.ر/ 858 في 18 / 8 / 2024) والتي تنص على (العراقيون احرار في الالتزام باحوالهم الشخصية، حسب ديانتهم او مذاهبهم او معتقداتهم او اختياراتهم، ينظم ذلك بقانون). واشار في الكتاب انفا الى ان مجلس النواب بصدد اجراء تعديل على قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 النافذ باضافة بند يمنح الحق للعراقي والعراقية باختيار تطبيق احكام القانون النافذ او تطبيق احكام الشريعة الاسلامية على وفق مذهب معين وفي جميع مسائل الاحوال الشخصية بعد وضعها وتقنينها بمدونة خاصة للاحكام الشرعية.
وبتاريخ 17 / 9 / 2024 اصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها بالعدد (219 / اتحادية / 2024) قضت بموجبه و استناداً الى المواد الدستورية (13 / اولاً) (3) (2 / اولاً . أ . ب . جـ) (2 / ثانياً) ( 14 ) ( 42 ) (43 / اولاً ) ( 46 ) ( 41 ) ( 93 / 94 ) بان جميع هذه المواد الدستورية تنسجم مع توجه مجلس النواب لاجراء التعديل المطلوب وفقاً لاحكام المادة (41) من دستور جمهورية العراق، وبذلك فان مجلس النواب سبق عملية الطعن بدستورية قانون التعديل بعد صدوره امام المحكمة الاتحادية العليا الذي ضمن دستوريته من خلال القرار التفسيري للمادة ( 41 ) من الدستور.
الحراك الجماهيري للتصدي لمقترح التعديل
منذ طرح مقترح التعديل لقانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 من خلال القراءة الاولى في مجلس النواب واجه حراكاً جماهيرياً واسعاً للتصدي له والمطالبة بسحبه لما له من آثار سلبية على المجتمع العراقي بشكل عام والمرأة العراقية والطفل بشكل خاص.
وكان تحالف المادة 188، الذي تشكل من العشرات من منظمات المجتمع المدني والمنظمات والشخصيات الحقوقية والوطنية داخل العراق وخارجه، نظم العشرات من الفعاليات والمؤتمرات والتظاهرات والوقفات. وبمشاركة فاعلة امتدت الى جميع محافظات العراق تقريبا اضافة للعديد من دول المهجر التي شهدت اضافة للاحتجاجات تقديم مذكرات الى السفارات العراقية لغرض ايصالها الى السلطات المعنية في الداخل.
علما ان (124) من اعضاء مجلس النواب المعارضين للمقترح تقدموا بمذكرة الى رئاسة مجلس النواب لغرض رفع المقترح من جدول اعمال المجلس الا ان رئاسة مجلس النواب رفضت تسلم المذكرة بحجة تقديم مذكرة موقعة من قبل (100) نائب تطلب الاستمرار بإجراءات المجلس لتشريع المقترح.
وكانت التغطية الاعلامية في القنوات الفضائية قد ساهمت بشكل واسع في استضافة محامين وحقوقيين وسياسيين لمناقشة مقترح القانون ما ساهم في زيادة الوعي بالمخاطر التي ستترتب على تشريع هذا المقترح.
ونتيجة لهذا الحراك الجماهيري الواسع اضطر من يقف وراء هذا المقترح ومجلس النواب لإجراء بعض التعديلات على المقترح بما يقلل الضرر الذي سيتسببه.
ومن بين التعديلات التي من المؤمل ان يتم اجراؤها على القانون قبل تشريعه وكنتيجة للحراك الجماهيري الواسع بالمطالبة بسحبه الاتي:
- جعل الحد الادنى لزواج المرأة ما بين (14 – 15) سنة.
- النص على عدم سريان القانون بأثر رجعي.
كما ان هناك توجها لتعديل نص المادة (57) من قانون الاحوال الشخصية الخاصة بالحضانة.
وفي الختام من المهم ان نبين ان النص الوارد ضمن المادة (1) من قانون تعديل قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 ضمن الفقرة (ت) والقاضي بقيام كل من المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي والمجلس العلمي والافتائي في ديوان الوقف السني بالتنسيق مع مجلس القضاء الاعلى لوضع مدونة الاحكام الشرعية في مسائل الاحوال الشخصية وتقديمها الى مجلس النواب للموافقة عليها خلال (6) ستة اشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون. تشكل هذه الفقرة خطورة كبيرة وخروجاً على آلية التشريع حيث ان مجلس النواب وبعد ان تقدم له هذه المدونات سيكتفي بالتصويت عليها دون المرور بمراحل التشريع رغم انها وبعد التصويت عليها تصبح جزءا لا يتجزأ من القانون.