أيلول/سبتمبر 12
   
                                                                          
 مقدمة
     يتمتع تشريع الأحوال الشخصية بقدر عالٍ من الأهمية وذلك لمساسه المباشر بالأسرة، لذا كان لزاماً ان تكون أحكامه على قدر من الملاءمة بما يحقق الغاية الاساسية من وجوده، الا وهي تنظيم الحياة داخل الأسر من خلال تحديد الحقوق والواجبات لكل فرد فيها، فنجد اهتمام المشرع الدستوري بضمان حماية حقوق الافراد في مجال أحوالهم الشخصية للحيلولة دون تفككها وانعكاس ذلك على المجتمع ككل، من هنا نجد نصوص القانون تحول دون اهمال او ترك المسألة لاجتهادات الأفراد، الى تنظيم شؤون الأسرة بدءاً من نشوئها بعقد الزواج وما يترتب عليه من حقوق لطرفيه وواجبات يتضمنها ابرامه، وكما ينظم شؤون الأبناء وحقوقهم وحقوق والديهم عليهم، فهذه القواعد القانونية ترافق الإنسان منذ بدء تكوينه وهو جنين وإلى ما بعد الوفاة من تنظيم للإرث او الوصايا وما بينهما من امور تتعلق بأحواله الشخصية.
   لذا نجد المحكمة الاتحادية العليا ومن خلال وظيفتها المحورية في النظام السياسي العراقي - المتمثلة بالمحافظة على سمو النصوص الدستورية باعتبارها عقداً ينظم الدولة والسلطات فيها وعلاقتها مع بعضها البعض وكيفية الوصول الى السلطة وانتقالها سلمياً، وكفالة التمتع بالحقوق والحريات المقرة للأفراد في مواجهة السلطات - قد فرضت رقابتها على قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل، في عدة قرارات ووضعته في ميزان الفحص والتدقيق للوصول الى مدى دستورية العديد من مواده القانونية. وخلصت في كل مرة إلى توافق أحكامه وانطباقها مع الدستور الحالي للعام (2005) وكذلك عدم تعارضها مع ثوابت أحكام الاسلام.
    من هنا جاءت الحاجة الى استعراض تفصيلي لتوجهات المحكمة الاتحادية العليا من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل، وبيان اوجه توافقه الدستوري، خصوصاً مع المغالطات التي تطرح جهلاً بأنه قانون منقطع الصلة بالشريعة الاسلامية، وأنه لا يعدو ان يكون مجرد نصوص بشرية وضعت خلافاً للشريعة، وبما يجعله قانوناً لا يتلاءم مع الدستور الحالي لتعارضه مع المادتين (2/ اولاً/أ  و41).
 
اولاً: تحديد فكرة ثوابت أحكام الاسلام.
     ثوابت أحكام الاسلام، مصطلح قيد فيه المشرع الدستوري مجلس النواب عند تصديه لتنظيم المجتمع بعدم تجاوز حدود هذا القيد فيما يقره من تشريعات، ومن هنا نجد الحاجة الى توضيح الاصطلاح للوصول الى دلالاته وتحديد مفاعيله في ضوء النص عليه صراحة في المادة (2/ اولاً/ أ) من دستور العام 2005  "لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الاسلام "، وما يرتبه هذا البيان من احكام مع ما تتمتع به نصوصه من أعلوية وسمو على باقي القواعد التشريعية في الدولة، اذ ينتج عن تعارضها معه الى تقديم تطبيق نصوص الدستور تبعاً لقاعدة ان النص الاعلى يطبق دون النص الادنى، كما يتوجب الحكم على النص الادنى بالبطلان استناداً الى المادة (13/ ثانياً) والتي نصت على ان "لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور، ويُعد باطلاً كل نص يرد في دساتير الاقاليم أو اي نص قــانونيٍ آخــر يتعارض معه". 
ومن هنا لابد من توضيح معنى ثوابت أحكام الاسلام لبيان متى يمكن القول بأنه تنظيم تشريعي متوافق معها او انه يعارضها بما يوجب اعادة النظر فيه وعدم العمل بأحكامه.
     الثابت هو ما كان منصوصاً عليه بدليل قطعي غير قابل للتغيير، وغير قابل لتصرف المجتهد فيه بما يخرجه عن كيفيته المقصودة(1)، وبتعبير آخر فان وصف ثوابت أحكام الاسلام يعني الحكم الذي دل عليه مصدر شرعي قطعي الثبوت والدلالة، بما يجعله محل إجماع واتفاق لا يقبل التأويل او التفسير او الاجتهاد، فيخرج من باب الظن او النصوص المحتملة او منطقة الفراغ التشريعي، ويدخل في مظلة القطع، بإجماع الامة وتلقيها اياها بالقبول، فلا رأي فيها اذ (لا اجتهاد في مورد النص). ينبغي ان يكون الحكم الشرعي مؤبداً دائماً لا يمسه التغيير او التبديل بفعل الزمان او المكان لثبات المصالح التي قام على حمايتها، كمثل أصول الدين، وحرمة الظلم ووجوب العدل، وأحكام العبادات والمعاملات غير المختلف عليها كفرض الصلاة وتحريم الربا والزنا وكتابة الدين وتوثيقه(2)، وغيرها مما ثبت الاجماع على ثبوته.
    بمفهوم المخالفة فإن للمشرع حرية تشريع القوانين متى خرجت عن مفهوم ثوابت أحكام الاسلام شرط مراعاة باقي بنود المادة (2/اولاً)، المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الانسان، اذ له الاجتهاد في الأحكام الظنية ثبوتاً او دلالة، فيأخذ بها او يستبدلها او يعدل عليها، تبعاً للمصلحة العامة فالحكم يدور وجوداً وعدماً مع علته، فإن كانت العلة ضمان المصلحة العامة، فللمشرع تبنى الأحكام التي تتناسب الغايات التي يسعى للوصول إليها، ما دام الصالح العام هو دافعها ومحركها، فلا يعد تجاوزاً لحدود القيد الدستوري المتمثل بثوابت أحكام الاسلام، اي خيار تشريعي يتبناه مجلس النواب في المواضيع القابلة للاجتهاد او الاختلاف الفقهي، لعدم انطباق وصف القيد عليها، ذلك ان الفقهاء انفسهم لم يدعوا إن آراءهم لها مرتبة أكثر من مرتبة الرأي الاجتهادي القابل للنقاش او للأخذ والرد او القبول والرفض، وعليه ينطبق عليها حكم التمييز بين الثوابت والمتغيرات، لكونها ممكنة التغيير تبعاً لتطور اجتهاد الفقيه، بينما أحكام الله غير قابلة للتغيير.
    نجد ان المحكمة الاتحادية عمدت ومن خلال مجموعة قرارات الى تحديد مدلول ثوابت أحكام الاسلام من خلال عدة معايير يتوقف على توافرها القول بان التنظيم القانوني متوافق ام متعارض معها، ويمكن إجمالها بما يأتي(3):-
  1. وجود نصوص قطعية الثبوت وقطعية الدلالة في القران الكريم والسنة النبوية نصت على حكم شرعي في المسألة بما لا يحتمل التبديل او الـتأويل.
  2. اتفاق جميع مذاهب المسلمين على هذا الحكم.
  3. التعارض صراحة بين النص القانوني والحكم الشرعي الثابت.
  4. انعدام او عدم استهداف المصلحة العامة في تنظيم الأحكام الظنية او الوقائع الجديدة.
  وهذه المعايير نجدها قد دفعت المحكمة للحكم بدستورية مواد القانون ورد الدعاوى العديدة التي رفعت طعناً بمواده وهو ما سنفصله استكمالاً للموضوع.
 
ثانياً: صحة الشكل الدستوري لآلية تشريع قانون الاحوال الشخصية
     تقوم فكرة الشكل في القانون على حماية الأوضاع والإجراءات المنصوص عليها في الدستور والمتعلقة بتشريع وصدور القوانين، بدءاً من اقرارها داخل السلطة التشريعية المختصة، ثم المصادقة عليها واصدارها من قبل رئيس الدولة، تمهيداً لنشرها في الجريدة الرسمية، ويكون القانون معيباً متى ما خرج عن الشكل الواجب اتباعه طبقاً لأحكام الدستور في اي مرحلة من هذه المراحل، والجزاء المترتب على مثل هكذا عيب هو اعتبار النص غير دستوري.
      وقد اختلف الفقه حول درجة القواعد الشكلية والإجرائية عند بحث الرقابة على الدستورية، وفيما اذا كانت ذات مرتبة واحدة او انها تختلف باختلاف الاجراء، حيث ذهب اتجاه لوجوب تقسيم الاجراءات الواردة في الدستور على أساس الغاية المرتجاة منها الى جوهرية وغير جوهرية ومحل نظر (وهي المترددة بين الاثنين)، وجعل البطلان جزاء الخروج على الاجراءات الجوهرية دون سواها(4).
    اما الاتجاه الثاني فيعد جميع الإجراءات جوهرية وفي مرتبة واحدة ويجب مراعاتها والعمل بأحكامها كلها من دون تمييز، وان جزاء مخالفتها هو البطلان(5)، فمرجع وحدانية مرتبة وقوة الاجراءات الواردة في الدستور هو وحدة القواعد الواردة فيه، فالقول بخلاف ذلك يؤدي الى انعدام الغاية المرجوة من إدراج هذه الإجراءات في صلب الدستور. من هنا فإن كل القواعد الاجرائية الدستورية ينبغي على السلطات التقيّد بها كون صلاحيتهم في هذا المجال مقيدة وليست تقديرية، فالأشكال لا تقرر اعتباطاً وانما يستهدف منها غرض معين ينبغي مراعاته والا وقع العمل او التصرف القانوني باطلاً. 
    وكان الطعن بعدم دستورية قانون الأحوال الشخصية في جانبه الشكلي على أساس عدم توقيع أحد أعضاء مجلس السيادة عند تشريعه لاعتراضه على المساواة في الميراث بين الذكر والانثى في حينه، وبالتالي فان عيباً أصاب تصديق القانون يجعله محل شك في مدى دستوريته.
    إلا ان المحكمة اعتبرت هذا العيب ان كان موجوداً وقت نشر القانون إلا انه تم تجاوزه من خلال اقرار الحكومات اللاحقة والدساتير المتعاقبة على دستور 1958 المؤقت، على الابقاء على النصوص التشريعية الخاصة به، وتعديلها تبعاً للظروف مما يعكس إقرار السلطات بصحة التنظيم القانوني وقبولها به، كما أن سبب الاعتراض الرئيسي تم معالجته بموجب التعديل الاول لقانون الأحوال الشخصية بالقانون ذي العدد (119 لسنة 1963) مما يعني انتفاء السبب المانع من التوقيع(6).
      يضاف الى ذلك ان المحكمة الاتحادية العليا سبق لها النظر في دستورية القانون لأكثر من مرة، ولم تتصدى لهذا العيب في حال القول جدلاً بوجوده، إذا ان الشكل في نطاق بحث المشروعية يعد من قواعد النظام العام، ويمكن اثارته تلقائياً من قبل القاضي دون حاجه للدفع به من قبل الخصوم في عريضة الدعوى، وفي اي مرحلة من مراحلها، وهو ما لم تقم به المحكمة اقراراً منها بعدم وجود خلل في شكل القانون. 
 
ثالثاً: التعويض عن الطلاق التعسفي تكريس لقاعدة أن الضرر يزال
   طعن اكثر من مرة بدستورية المادة (39/ثالثا) من القانون منها ما كان بدفع فرعي اثناء النظر في دعاوى طلاق مرفوعة امام المحاكم ومنها ما كان بطلب من قضاة الأحوال الشخصية انفسهم، وكان السند في طلب الحكم بعدم الدستورية يستند الى تعارض التعويض مع أحكام المادة (2/ثانياً) من الدستور الحالي الخاصة بضمان الحقوق الدينية لجميع الافراد، وان الأصل شرعاً هو اباحة الطلاق(7)، والقانون بادعاء المدعين بصيغته يؤدي لتحول الزواج الى مشروع تجاري بالنسبة للمرأة، بينما الشريعة الاسلامية لا تخول المطلقة إلا المهر ونفقة العدة، وان كان الطلاق بلا اسباب باعتبار ان القاعدة تقتضي ان (الجواز الشرعي ينافي الضمان)(8). وكذلك مخالفتها المواد (2/اولاً/ب/ج) باعتبار الحكمة من الطلاق توفير الراحة لكلا الزوجين في حال استنفاذ الحلول الممكنة، كما انه يتعارض مع المواد (14 و15 و19 و16 و46) من الدستور(9).
  أسست المحكمة الاتحادية حكمها برد ادعاءات المدعين بعدم دستورية او شرعية التعويض عن الطلاق التعسفي(10)، على أن مبادئ الشريعة الإسلامية تسعى لتحقيق العدالة الأسمى بين الزوجين، باعتبار العائلة هي نواة المجتمع ويترتب على سلامتها، سلامة المجتمع وامنه، وان الطلاق إن كان مشروعاً فانه محكوم بمقتضيات معينة ترتبط مشروعيته بتوافرها، فإن صدر دون سبب يدفع لذلك دخل في نطاق تجاوز الحدود المشروعة، وتحقيق العدالة يتطلب الحكم بتعويض المرأة عن الحيف الذي يصيبها جراء الطلاق التعسفي، ذلك ان عقد الزواج هو عقد ملزم للطرفين وانفراد الزوج بالطلاق لا يُعد سوى رخصة هي من قبيل الاستثناء على القاعدة، ولا يجوز استعمالها الا في حدود المشروعية، فإن تجاوز الزوج ذلك عُـد متعسفاً في طلاقه، مستحقاً لتحمل الجزاء المتمثل بالتعويض، جبراً للضرر الذي نتج عن تصرفه، فإن انعدم التعسف امتنع القضاء عن الحكم بالتعويض، وهذه الفكرة لا تتعارض مع ثوابت أحكام الاسلام ولا المادة (2/ثانياً) من الدستور وانما هي متفقة معها جملة وتفصيلاً.
   ولو رجعنا الى الأصل الشرعي للطلاق لوجدناه ان كان يدخل عند الأعم الأغلب من الفقهاء في باب الاباحة ابتداء، الا انه يتدرج في الأحكام حتى يصل إلى حد الحرمة في بعض الحالات، وبالتالي لا يمكن القول بوجود حكم واحد للطلاق ينطبق على جميع الوقائع، وهذا يعزز فكرة التعويض، متى ما كان هناك استخداماً للحق بتعسف، وهذه النظرية ثابتة فقهياً، ولا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، كونها تستند الى قوله تعالى "وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم"(11).
   إذ اتفق المفسرون على أن سبب نزول الآية يرتبط بفكرة منع استعمال الحق بصورة غير مشروعة، او تعمد إساءة استعماله إضراراً بالآخرين، اذ وصفت الآية السلوك بأنه (ظلم للنفس واستهزاء بآيات الله)(12)، وهو في التطبيق يظهر في ثلاث صور هي:-
  1. أن يأتي الإنسان بعمل مشروع، ويقصد به الإضرار بالغير من غير أن تكون له مصلحة فيه.
  2. أن يأتي بعمل مشروع للوصول الى مصلحة ضئيلة، لا تتناسب مع الضرر الجسيم الذي لحق الغير من جراء هذا العمل.
  3. أن يأتي بعمل مشروع يقصد به تحقيق مصلحة غير مشروعة.
   من هنا إن لم يكن هناك سبب مبرر للطلاق توجب على الرجل الضمان، لان المطلّقة عادة تصاب بالضرر في عدة جوانب في مقدمتها النفسية بفعل زوج قرر أن يطلقها لنزوة في نفسه، كما ان النظرة المجتمعية لها تتأثر كثيراً، وكذلك سمعتها بين اقرانها، مما يجعل التعويض مستحقاً، والمعيار في تحديد التعويض هو سبب ايقاع الطلاق، اما مدة السنتين الواردة في القانون فهي ليست مطلقة وإنما هي سلطة تقديرية للقاضي يركن اليها حال بلغ التعسف اقصى حدوده.
 
رابعاً: عدم الدستورية جزاء تعارض النص صراحة مع ثوابت أحكام الاسلام
     في أحوال التعارض الصريح مع النصوص قطعية الدلالة وقطعية الثبوت فإن البطلان هو الجزاء الذي ترتبه المحكمة. فقرار مجلس قيادة الثورة المنحل (221) في 14/10/2001، والذي تضمن حرمان المدعي من حقه في ارث والدته على أساس عقوقه لها، جاء بمخالفة صريحة لأحكام موانع الإرث التي ليس من بينها عقوق الوالدين، مما يقتضي الحكم بإلغاء الفقرة الواردة في القرار وان ينال المدعي حصته الارثية(13).
    وفي نفس السياق ذهبت المحكمة الى عدم دستورية المادة (2/أ) من قرار مجلس قيادة الثورة المنحل (1750 لسنة 1980) والقرار (914 لسنة 1986) والتي تتضمن حرمان والدي الشهيد من حقهم في ميراث الدار او الشقة السكنية التي يمتلكها قبل استشهاده، وتسجيلها باسم الزوجة والاولاد، وذلك لاتفاق جميع المذاهب على أن الوالدين من أصحاب الفروض، مما يعني تعارضاً صريحاً بين القرار التشريعي وثوابت أحكام الإسلام يقتضي الحكم بطلانه(14).
    في المقابل فان الطعن بأحكام المادة (واحد وتسعون/2) من القانون والتي تجعل باقي التركة استحقاقاً للبنت في حال عدم وجود ابن للمتوفي بعد تطبيق باقي الفروض، واستحقاقها لكل التركة في حالة عدم وجود اي منهم، اعتبرته المحكمة تنظيماً غير متعارضٍ مع ثوابت أحكام الاسلام، باعتبار ان ميراث البنت فرض ثابت في القرآن والسنة النبوية، ولا خلاف حول ذلك كأصل، اما اختلاف الفقهاء فيتعلق بباقي التركة، اذ يوجد اتجاهين:-  ففقهاء السنة يفتون بإعطاء الباقي لأقرب ذكر، فيما يذهب الجعفرية الى اعطائها النصف كفرض والباقي يرد عليها، واخذ المشرع العراقي بالرأي الثاني، بموجب التعديل رقم (21) لسنة 1978 لا يخالف الثوابت الإسلامية(15)، وفقاً لتوجه المحكمة الاتحادية باعتبار ان لا اجماع في المسألة ولعدم قطعية دلالات النصوص على حرمانها من الباقي.
        
خامساً: تقييم المهر بالذهب تطبيق لقواعد التوازن الاقتصادي في الوفاء بالديون
الادعاء بمخالفة تقويم المهر المؤخر او المستحق بالذهب لمخالفته المادة (2) بفقراتها، وللمواد (14 و15و19/ ثانيا و 46) من الدستور، كان محل طعن في العديد من الدعاوى، باعتبار ان المهر واجب الدفع في مقابل منافع البضع اما بالبينة واما بالعقد، ولا يجوز فرض مهر آخر غير المسمى في العقد، وذهبت المحكمة الى تأييد عدم تعارض استيفاء المهر المؤجل مقوماً بالذهب بتاريخ عقد الزواج، باعتباره ديناً في الذمة، وبالتالي هو في أحد أوجهه، صورة للتعويض عما يصيب المطلقة من ضرر جراء الطلاق، وان السعي للعدالة وهي احدى مبادئ الشريعة الاسلامية لا يتصور تحققها إلا بقبول تقويم المهر بما يحقق الغاية من إنصاف المرأة، خصوصاً مع عدم وجود ما يشير لوجود تعارض بين هذا الحكم وثوابت الإسلام(16)، اما الوجه الثاني للعدالة باعتباره ديناً نشأ في ذمة الزوج عند العقد وان قيمته الحقيقية يلزم دفعها عند الاستحقاق زماناً ومكاناً وتبعاً لقيمة العملة، بما يتطلب تقويم المهر بتاريخ عقد الزواج ومعادلته بما يساوي قيمته عند الوفاء، والحكمة من ذلك هو تحقيق التوازن الاقتصادي بين قيمة العملة وقت نشوء الدين وقيمتها وقت الاستحقاق(17).
 
سادسا: العلّة في تنظيم أحكام الحضانة أعمال مصلحة المحضون
وتظهر هذه المصلحة بعدة صور هي:
أ. أحكام زيادة او إنقاص نفقة الاولاد تتبع تغير الظروف
   طعن بعدم دستورية قرار مجلس قيادة الثورة المنحل (1000) لسنة 1983، والذي يقضي بجواز زيادة نفقة الأولاد او نفقة العدة  دون ان يتضمن الإشارة الى امكانية نقصانها في حال تبدلت الظروف المادية للأب، وكان الادعاء بعدم الدستورية يستند الى خلو التشريع من أي ضرورة اجتماعية او اقتصادية او سياسية، خلافاً لقانون الأحوال الشخصية الذي نظمها في المادة (28) تنظيما اكثر مراعاة للمكلف تبعاً لتغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وان التطبيق القضائي في كثير من الاحيان يرفض طلبات انقاص النفقة في حال تدهور الوضع الاقتصادي للاب.
    نجد ان المحكمة الاتحادية عمدت ومن خلال ما تملكه من صلاحية الى اعمال تفسيرها لنصوص القانون في معرض تصديها للرقابة على دستوريته، فإشكاليات الصياغة القانونية تدعو القاضي الى تطبيق قواعد التفسير في حالات عدم وجود نص او تنظيم لمسألة معينة، مما يتطلب منه توضيح مضامين النصوص قبل المضي بتقرير مدى توافقها مع الدستور من عدمه، وبما يحقق الغاية الاساسية من الدعوى ألا وهي حماية حقوق الافراد وحرياتهم.
     وحيث إن النص الوارد في قرار المجلس المنحل هو النص الوحيد الذي يجيز زيادة نفقة الأطفال، في أحوال تحسن الوضع الاقتصادي للأب، او زيادة متطلبات الابناء تبعاً لتقدمهم بالعمر، او ارتفاع الاسعار، فان القول بعدم دستوريته لا يستقيم مع المنطق السليم، من هنا نجد المحكمة قد استخدمت اسلوب التفسير المنشئ، والذي من خلاله اعتبرت النص وان كان لا يتضمن حكم انقاص النفقة، فان عدم القول بإمكانية ذلك يتعارض مع المصالح التي استهدف المشرع حمايتها عند تشريعه، لذا قررت ان النص لا يمنع من انقاص النفقة، اسندت قرارها الى أحكام المادة (14) من الدستور التي تنص على المساواة بين جميع العراقيين، والمادة (29) التي اعتبرت الاسرة أساس المجتمع، ووازنت بين حقوق الأولاد على والديهم في التربية والرعاية والتعليم وحق الوالدين على الأولاد في الاحترام والرعاية.
  كما بينت ان قانون الأحوال الشخصية احال في المادة (الاولى/2) تنظيم اي مسألة لم يتم النص عليها الى مبادئ الشريعة الاسلامية الاكثر ملاءمة لنصوصه، وعدم وجود نص يعالج حالة اعسار الاب او فقدانه المقدرة على الكسب ترجعنا الى تطبيق قوله تعالى " لينفق ذو سعة من سعته " وهو ما يجعل النفقة مرتبطة بالمركز الاقتصادي للشخص ومتغيرة تبعاً لتغير ظروفه المالية، وهذا جعل المحكمة تقضي بتوافق القرار مع الدستور وعدم تعارضه مع أحكام الشريعة الاسلامية، والزمت السلطات كافة ومن بينها المحاكم بالتفسير الذي وصلت اليه من خلال موائمتها بين النصوص(18)
ب. الأولوية البحث عن مصلحة المحضون.
      كثيراً ما أثارت المادة (57) الجدال حول مدى توافقها مع الشريعة الاسلامية، لإعطائها الاولوية في الحضانة للأم متى توافرت فيها الشروط التي تطلبها القانون من كمال أهلية وامانة وقدرة الى تربية المحضون وصيانته(19)، حتى في حال زواجها متى كانت مصلحة المحضون تقتضي بقاءه مع والدته، كما ان للقاضي تمديد عمر الحضانة الى إكمال الخامسة عشرة، اذا ايدت اللجان الطبية الحاجة الى ذلك، مع شرط عدم مبيته الا عند حاضنته، فإن فقدت الأم احد شروط اهلية الحضانة او توفيت، كان الأب هو الشخص المؤهل لانتقال الحضانة إليه، إلا في احوال اقتضاء مصلحة الطفل شخصاً آخر عندها على المحكمة ان تختار من يعهد إليه بالحضانة تبعاً لنفس المعيار(20).
    نجد ان المحكمة الاتحادية العليا اقرت بسلامة التنظيم القانوني للمادة (السابعة والخمسين) من قانون الأحوال الشخصية(21)، بعد رجوعها الى الاحاديث النبوية وآراء الفقهاء وتشريعات الدول الاسلامية، وما استقر عليه العمل في المحاكم، كونه يقوم على أساس فكرة ان وقائع الحضانة يتم التعامل معها وفقاً للظروف المحيطة بكل حالة على حده، والمعيار المعتمد في ذلك هو اولوية رعاية وضع الطفل قبال مصالح الخصمين في دعوى الحضانة، فجلب المصلحة للمحضون او درء المفسدة عنه هو ما تستهدفه المحكمة عن طريق البحث الاجتماعي باعتباره يوفر رأيا فنياً للقاضي في ضوء ملابسات كل حل حالة، وكذلك ما يقدمه طرفي الدعوى من ادلة لأثبات ادعاءاتهم.   
 
سابعا: لا إشكال في تقييد المباح لأغراض تنظيم المجتمع
   اتاح قانون الأحوال الشخصية في المادة (اربعين /5) للزوجة تقديم طلب التفريق متى تزوج الزوج بامرأة ثانية بدون اذن من المحكمة، والعلّة من ذلك هو الحاجة الى تنظيم موضوع تعدد الزوجات، فمصلحة المجتمع ومراعات تماسكه إن كان يتطلب تقييد المباح، فهو أمر محل اعتبار، فكان قيد موافقة القاضي على رغبة الرجل في تعدد الزوجات لا يتعارض مع الدستور وثوابت أحكام الإسلام(22)، خصوصاً وان التعدد مباح من حيث الاصل، لكن بشرط قدرة الرجل على العدل بين زوجاته(23)، فإن انتفت القدرة على تحقيق العدل المطلوب من تسوية بين الزوجات في النفقة والكسوة والمبيت وغيرها من الامور المادية، باعتبار ان الميل او المحبة لا تدخل في مفهوم العدل المادي لقوله تعالى "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم..."(24)، ذهبت الآراء الفقهية الى تحول التعدد الى مرتبة التحريم، كما ويشترط توافر القدرة على الانفاق على الزوجات بدليل قوله تعالى "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله"(25)، فالقدرة على الزواج مرتبطة بالوضع الاقتصادي للرجل ومدى تمكنه من دفع المهر والانفاق على زوجته، كما ان الدولة المعاصرة ليست بمعزل عن تنظيم وضع الاسرة حيث يقع على عاتقها اعباء عدة في مقدمتها ضمان الحد الادنى للمعيشة لمواطنيها، وضمان الصحة والرفاهية لكل فرد، وتوفير الخدمات الاجتماعية الضرورية، وكفالة حالات المرض والبطالة، ومن هنا فإن للمشرع تقييد المباح او حتى حظره تحقيقاً للمصلحة العامة ما دام في منطقة الأحكام الاجتهادية القائمة على الظن لا الأحكام القطعية المتفق عليها، فإن كان التعدد من حيث اصل الفكرة امراً قطعياً متفق عليه، الا ان إجراءاته وحالات تطبقه محل اجتهادات وآراء تعطي للدولة الحق في التدخل تشريعياً وعدم تركه لأهواء الناس دون قيد او شرط، واشتراط موافقة القاضي على الزواج بثانية لا يعني المنع من حيث الأصل، وطلب الزوجة التفريق لا يعني ان القاضي سيحكم بالتفريق ابتداء، وانما لكل واقعة ظروفها وملابساتها، وهذا بمجموعه يجعل النص متوافقاً مع الأحكام الشرعية.  
   كما ان اسقاط حق المرأة في رفع الدعوى وفقاً لأحكام قانون اصول المحاكمات الجزائية المادة (الثالثة/1/أ) في حال صدور اذن من القاضي بالزواج من زوجة ثانية، بعد التأكد من توافر الشروط القانونية، يعني ان القانون وازن في موضوع التعدد بين ما يربو إليه الزوج من اشباع رغباته او التعدد لمصلحة مشروعة، وبين تقييد المباح لصالح الامة، وهو أمر لا خلاف او جدال حول مشروعيته وجوازه(26)
 
ثامنا: يشترط في الخيار التشريعي عدم مخالفة ثوابت أحكام الإسلام
    أقرت المحكمة الاتحادية ان المادة (74) من قانون الأحوال الشخصية الخاصة بأحكام الوصية الواجبة، تعد من قبيل تطبيق قواعد العدالة السمحاء في ضمان حصول الحفيد على نصيب من تركه جده او جدته، عند وفاة أبيه او أمه قبلهما، وإن تقديم الوصية الواجبة هو خيار تشريعي لا يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام(27)، وتوجه المحكمة هذا يؤيده الفقه الاسلامي اذ أقر بالوصية الواجبة جمهرة من التابعين وأئمة الفقه، ومنهم سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وطاووس، والإمام أحمد في روايته، وداود الظاهري والإمام الطبري، وإسحاق بن راهوية وابن حزم(28)، وان مسألة تقديمها على الوصايا الاختيارية عند التزاحم ليست محل خلاف فقهي عند القائلين بها(29)، مما يجعلها تنظيماً يستهدف حماية المصلحة العامة للمجتمع في عدم حرمان الابناء من ميراث اجدادهم، وبما يعزز التماسك المجتمعي.
ختاماً نجد ان المحكمة الاتحادية ومن خلال قراراتها اكدت وفي أكثر من مرة على دستورية التنظيم القانوني للأحوال الشخصية الحالية وتوافقها مع ثوابت أحكام الإسلام.
 
الهوامش
(1) فاضل عبد العباس محسن ومحمد عباس نهاية، الثابت والمتغير في الاعجاز التشريعي، مجلة بابل للدراسات الانسانية، المجلد 9، العدد 2، 2019، ص 199 
(2) قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم (60/اتحادية/ 2010) في 21/12/2010 
(3) قرار المحكمة الاتحادية العليا (39/اتحادية/ 2023) في 27/8/2023 بخصوص دعوى عدم دستورية قانون البلديات 2023، القرار(136/اتحادية/2023) في 10/9/2023 
(4) عبد الرزاق السنهوري، مخالفة التشريع للدستور والانحراف في استعمال السلطة التشريعية، مجلة مجلس الدولة، السنة الثالثة، دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة، 1952، ص32-34، وماجد راغب الحلو، القانون الدستوري، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1986، ص376. 
(5) مصطفى فهمي ابو زيد، الدستور المصري ورقابة دستورية القوانين، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1985، ص 498 وعبد العزيز محمد سالمان، الرقابة على دستورية القوانين، ط1، دار الفكر العربي، القاهرة، 1995، ص 340. 
(6) قرار المحكمة الاتحادية العليا (134وموحدتها/135/اتحادية/إعلام/ 2018). في9/9/2018 و(58/ اتحادية/2019) في 29/7/2019 
(7) فقهاء المسلمين مختلفين في مسالة الطلاق على عدة اتجاهات، الأول يقول بالإباحة هم المالكية والشافعية ورواية لدى الحنابلة. الاتجاه الثاني يقول أن الاصل في الطلاق حظر وهو رأي الحنفية ورواية لدى الحنابلة والشيخ محمد ابو زهرة من المعاصرين ولا تتحقق فيه الإجازة الا لحاجة تدفع لذلك. اما الاتجاه الثالث فيقول بالكراهة وهو رأي لدى الحنابلة والرأي المشهور لدى الامامية 
(8) للتفصيل في اسانيد الادعاء ينظر قرار المحكمة الاتحادية في الدعوى(9/اتحادية/2015) في4/5/2015 
(9) للتفصيل في أسانيد المدعي ينظر قرار المحكمة الاتحادية (113/اتحادية/2014) في 21/4/2015 
(10) في ذات السياق ذهبت المحكمة في قراراتها (95/اتحادية/2014) في 2/12/2014و(10/اتحادية/ 2015) في 18/2/2015 و(134وموحدتها135/اتحادية/ 2018) في 9/9/2018و(54/اتحادية/2019)29/7/2019 
(11) الآية (231) من سورة البقرة 
(12) سبب نزول هذه الآية كما أخرج ابن جرير وابن المنذر، أنّ رجلاً من الأنصار يدعى ثابت بن يسار طلَّق زوجته حتى انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثًا راجعها ثُم طلَّقها، فعل ذلك بِها حتى مضى عليها تسعة أشهرٍ يُضارها، فأنزل الله تعالى الآية. للتفصيل ينظر شهاب الدين الآلوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، ج1، دار الكتب العلمية، بيروت، ص 536 وما بعدها. وجه دلالة الآية أن الإمساك حق للزوج، وقد ندب الله تعالى إلى استعماله على نحو مشروع وهو الإمساك مع المعاشرة الحسنة، ونهى عن استعماله على نحو غير مشروع، وهو استعماله على وجه المضارة كفعل ثابت بن يسار، وهذا بعينه هو إساءة استعمال الحق، لأنَّهُ استعمال حق الإمساك، على وجه غير مشروع، وفي النهي عن فعل ذلك وردت رواية عن الامام جعفر الصادق عليه السلام أوردها الصدوق في (من لا يحضره الفقيه)، ج3، ص501، ح 4762. فيما ارجع الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج2، ص 169. قوله تعالى (ولا تتخذوا آيات الله هزوا) اذ يقول " ...هذا التعبير يمكن أن يكون إشارة إلى بعض التقاليد الجاهلية المترسخة في أفكار الناس، ففي الرواية أن بعض الرجال في العصر الجاهلي يقولون حين الطلاق: أن هدفنا من الطلاق هو اللعب والمزاح، وكذلك الحال عندما يعتقون عبدا أو يتزوجون من امرأة...". 
(13) قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم (11/اتحادية/ 2006) في 4/8/2006 
(14) قرار المحكمة الاتحادية (95/اتحادية/2023) في 16/7/2023 
(15) قرار المحكمة الاتحادية العليا(147/اتحادية/2023) في 28/8/2023 
(16) قرار المحكمة الاتحادية (45/اتحادية/2012) في 19م9/2012 
(17) قرار المحكمة الاتحادية (82/اتحادية/2012) في 18/12/2012. و(32/ اتحادية /اعلام/ 2014) في 2/6/2014 و (155/اتحادية/اعلام/2018) في 9/10/2018. 
(18) قرار المحكمة الاتحادية العليا (33/اتحادية/ 2022) في 19/4/2022 
(19) المادة (سبعة وخمسون/2) من قانون الأحوال الشخصية 
(20) الفقرات (2 و4و7) من المادة (سبعة وخمسون) من قانون الأحوال الشخصية 
(21) قرارات المحكمة الاتحادية العليا (98/اتحادية/اعلام/ 2017) في7/11/2017 و(189/اتحادية/ اعلام/2018) في5/12/2018و (43/اتحادية/2023) في10 /10/2023. 
(22) قرار المحكمة الاتحادية العليا (54/ اتحادية/ اعلام /2016) في 23/8/ 2016 وفي قرارها 136/ اتحادية /2013) صرحت انه مجرد رخصة مقيدة ومسؤولية للرجل اتجاه مجتمعه لا واجباً مطلقاً، فان تزوج وهو واثق من عدم قدرته على العدل يكون اثماً وفقاً لجمهور الفقهاء. 
(23) اباح الله سبحانه وتعالى التعدد في القرآن الكريم بقوله "وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعدلوا" النساء/3. 
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه واله وسلم في حديث رواه احمد بن حنبل قال: " من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما على الأخرى، جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط. وفي رواية أخرى صححها شعيب الأرناؤوط "جاء يوم القيامة يجر أحد شقيه ساقطاً أو مائلاً". وهنا من يذهب الى ان التعدد يدخل في باب المندوب كابن قدامه، روضة الناظر وجنة المناظر، المكتبة العصرية، بيروت، 2009. ويذهب ابن القيم الجوزية الى وجوبه في حالات القدرة المالية وخشية الزنا بتركه. في مقابل هناك من يعده حراماً في احوال تعمد الاضرار بالزوجة الاولى او الامرأة التي سيتزوجها او في حال عدم المقدرة المالية د. عباس حسين فياض، تعدد الزوجات واثاره، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، 2011، المجلد 3، العدد 2، ص 156.
(24) سورة النساء، الآية 129. 
(25) سورة النور، الآية 33. وفي الحديث النبوي روي قوله صلى الله عليه وسلم " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" حسن القبانجي، شرح رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين ع، ج1، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ص529. ورواه ايضا البخاري (5367)، ومسلم (715). 
(26) قرار المحكمة الاتحادية (69/اتحادية /2012) في 4/12/2012 
(27) قرار المحكمة الاتحادية (121/اتحادية/2013) في 5/5/2014. 
(28) استدل القائلون بوجوب الوصية للأقارب غير الوارثين بقوله تعالى: "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا، الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف، حقا على المتقين". ويذهب الجصاص في كتابه أحكام القرآن: "أن دلالة ظاهرة في إيجابها الوصية وقوله تعالى: "كتب عليكم الصيام" فرض عليكم. وللتفصيل ينظر الوصية الواجبة او وصية القانون، مجلة دعوة الحق، العدد160 https://www.habous.gov.ma/daouat-alhaq/item/4117
وقيل ان الآية نسخت بآية المواريث "يوصيكم الله في أولادكم للذكر من حظ الأنثيين" الآية (11) وقيل انها وإن نسخت الآية السابقة فقد بقي حكمها بحق من لم يرث من الأقربين وأوجبوا لهم الوصية (مجمع البيان للطبرسي في تفسير الآية)، كما ورد ذلك عن بعض أئمة المذهب الجعفري فقيل عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام منقولا عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال : "من لم يوصي عند موته لذوي قرابته ممن لا يرث فقد ختم عمله بمعصية " .النهاية للطوسي ص 605 ووسائل الشيعة، ج ١٣، ص ٤٧١، منقولً عن شرح قانون الأحوال الشخصية، للقاضي محمد حسن كشكول  والقاضي عباس السعدي ، المكتبة القانونية ، بغداد ، ص 291.
(29)ىمحمد عبد الرحيم الكشكي، الميراث المقارن، ط3، منشورات دار النذير للطباعة والنشر، بغداد ،1969، 131 -134.