أيلول/سبتمبر 12
   

 

   تؤلف المجلات الثقافية مؤشراً متحركاً في الخط البياني لثقافة كل شعب، فإذا كانت تعبر عن خصوصية هذه الحياة ونبضها وخياراتها وقدرتها على التواصل مع كل جديد من ثقافات الشعوب الأخرى في العالم، فلا شك أنها تحقق طموحات الكتاب والقراء في تطور حياتهم، هكذا كانت مجلة (الثقافة الجديدة) وما زالت، فهي أشبه بالكائن الحي الذي لا يكف عن النمو، فقد وضعت أهدافها السامية نصب عينيها وتحولت الفكرة إلى مشروع وإلى قيمة فكرية تنويرية تستحق التقدير والاحترام في زمن كان للعمل الصحافي قيمته وللفكر رموزه، وهذا ليس بعيداً على العراق فقد تصدر منذ خمسينات القرن الماضي الثقافة والإبداع في الوطن العربي.

    سبعون عاماً مرت من عمر مجلتنا وهي ما زالت في ريعان شبابها ولا يمر عليها الزمن كما مر في أعمارنا فقد كان لصدورها سنة 1953 إشعاع مضيء للقارئ المتلهف لثقافة تقدمية تعطي الأمل والرفاء للإنسان، إذ جاء توقيت إصدارها مناسباً وإنطلاقاً لما يتمناه المثقف العراقي في ذلك الوقت، فكانت الخطوة الأولى وهي الأعقد، والمغامرة الأولى وهي الأخطر، فما كان عليها إلا سبر كنه الثقافة العراقية والتوقف عند مفاصلها والبحث في شجونها والتركيز على ثقافة وطنية وإنسانية شعارها فكر علمي وثقافة تقدمية، إنها جهد معرفي خلاق يتولاه أشخاص معرفيون، على صفحاتها تتلاقح كل الأجيال من مفكرين وكتاب وشعراء، تنوعت موادها تنوعاً يجذب القارئ لما فيها من نتاج فكري وإبداعي، تهنئة على مدار القلب لمن عبد طريق التنوير والفكر التقدمي خلال سبعين عاماً من عمر مجلتنا العتيدة.