أيلول/سبتمبر 12
   

  ترجع صلتي بـ مجلة (الثقافة الجديدة) الى مطلع أعوام الستينيات، وأذكر أن صلة الوصل الأولى بالمجلة ومتابعة قراءتها كان عثوري على عدد منها بين أكوام من المجلات المصرية التي كانت تعرض في سوق السراي، وكان عددا خاصا صدر في ذكرى شاعر العراق الكبير  معروف الرصافي وهو العدد الثامن من سنتها السابعة، عدد آذار ونيسان صدر عام (1959) ، وقد كتب فيه بعد المقدمة: الدكتور صلاح خالص (رئيس التحرير)، الدكتورة وديعة طه النجم، الدكتور ابراهيم السامرائي، الدكتور يوسف عز الدين، الأستاذ محمد شرارة، الأستاذ مزيد عبد العزيز الظاهر، الشاعر محمد صالح بحر العلوم، الشاعر علي الحسيني، الشاعر عبد الوهاب البياتي، الشاعر سعدي يوسف، القاص مهدي عيسى الصقر، والسادة: يعرب محمود السعيدي، سلمان الجبوري، عدنان الحافظ، عدنان الحميري، أبو سحر.

وأذكر أن محتويات العدد حينها شدني الى قراءتها أكثر من سبب، وعلى رأس الأسباب جدة الموضوعات وطريقة طرحها بأسلوب سلس تحس الصدق في سطوره كما تحس العمق.

وكتاب موضوعات العدد من كبار مثقفي البلد، اضافة الى اختصاصاتهم الأدبية ومستوياتهم الدراسية، وكذلك بالنسبة للشعراء فبينهم الشاعر الكبير عبد الوهاب البياتي والشاعر الكبير سعدي يوسف.

ومن محاسن الصدف أن بعض كتاب العدد تشرفت بكونهم أساتذتي في الدراسة الجامعية التي ابتدأت العام 1963 - 1964، وأذكر منهم: الدكتورة وديعة طه النجم، الدكتور ابراهيم السامرائي، الدكتور يوسف عز الدين.

من بعد أصبحتُ حريصا على اقتناء أعداد المجلة بالاشتراك عن طريق مكتبة العروبة في الرمادي، وقد تجمعت أعدادها في مكتبتي ولا تزال حتى وقتنا الحاضر.

وأذكر انني ساهمت في النشر في المجلة منذ العدد السادس عام 1979م وبعد أن تحول اسمها الى (الثقافة) بدل الثقافة الجديدة (لم تتحول مجلة الثقافة الجديدة الى مجلة الثقافة من حيث الاسم بل ان الاخيرة صدرت كمجلة اخرى في حينه لذا وجب التذكير تجنبا لأي التباس – المحرر)  إذ نشرت في هذا العدد مقالا تحت عنوان ( ضوء على رأي في الشعر) على الصفحة  ( 127) والرأي الذي دار عليه الموضوع هو رأي الدكتور صالح الشعر.

 ان حرصي على متابعة قراءة المجلة والاحتفاظ بأعدادها نابع من حرصي على الاستفادة مما كان يطرح على صفحاتها من مواد ثقافية تطرح رؤى صحيحة وصادقة سواء في مجرى الحياة العامة للناس أو فيما يخص الشأن الثقافي والسياسي الذي يعد من أهم شرايين حياة المجتمعات.

ان المطبوع الذي يكسب ثقة القارئ هو المطبوع الذي يلامس تطلعاته الثقافية والاجتماعية والسياسية، وأحسب أن مجلة ( الثقافة الجديدة) على رأس المجلات الثقافية العراقية التي نالت اهتمام القراء بمختلف مستوياتهم وعلى مدى سنوات عمر المجلة رغم احتجابها قسريا لهذا السبب أو ذاك ثم معاودتها الجديدة.

ولعل مسيرتها الدائبة بعد العام 2003 هي شوط تواصل مع مسيرتها السابقة.

 وقد ساهمت بنشر بعض ما اكتبه على صفحاتها ومنه ما نشرته في العدد (426-427) في تشرين الثاني عام2021 عن رواية ( أفعى أم القرابين).

وخلاصة أقول: ان المطبوع الثقافي الذي يحرص القارئ على متابعته هو المطبوع الذي يغني ثقافته ويرصن معلوماته ويزوده بمستجدات الأدب والعلوم والفنون، وما أشبه المجلة الرصينة - كمجلة الثقافة الجديدة - بالمائدة المتنوعة الأطباق التي تلبي ما يأمل ان يجده القارىء المتذوق لما يغذي عقله ويزيد في ثقافته، وهذا ما أستطيع قوله في هذه العجالة تحية للمجلة المناضلة وهي تخطو خطواتها الواثقة في الميدان الثقافي بخطى رصينة واثقة تجعلها في القلب والذهن كالزهور الفواحة التي تنث عطرها على الدوام.