
إن الاستثمار في العلوم والتكنولوجيا أصبح في صميم أولويات الدول التي تتصدر العالم تكنولوجيا؛ حيث ساعد في توفير فرص عمل جديدة، وساعد في خفض التضخم لتخفيف تكلفة المعيشة وتوفير الأمن المالي للناس وبناء اقتصاد أقوى مع وظائف أفضل، كذلك ضمان تقديم خدمات صحية متميزة وحصول الناس على الرعاية التي يحتاجون إليها بشكل أسرع.
على الرغم من الاختلاف في الخلفيات التقنية والموارد البشرية لبعض الدول، فإنها لا تزال تتفوق على أقرب منافسينا، فكوريا الجنوبية وبريطانيا مثلا دول منافسة رئيسية للولايات المتحدة والصين في العديد من المجالات. ففي بريطانيا توجد 4 من أفضل 10 جامعات في العالم وقطاع تكنولوجيا تبلغ قيمته أكثر من تريليون دولار(1). إذا جمعت 8 مدن جامعية فقط، فستجد أنها موطن لعدد من الشركات الناشئة التي تبلغ قيمتها مليار دولار أكثر من فرنسا وألمانيا مجتمعتين.
لكن، عندما تتحرك فرنسا وألمانيا - بشكل أسرع وأبعد للاستثمار في العلوم والتكنولوجيا، فإن بريطانيا تفعل الشيء نفسه.
لهذا السبب أنشأت بريطانيا وزارة خاصة بالعلوم والابتكار والتكنولوجيا، وركزت أفضل عقولها حول مهمة واحدة: أن يصبح الاقتصاد الأكثر ابتكارًا في العالم.
إن دول كثيرة تحاول أن تضمن موقعها كقوى عظمى في العلوم والتكنولوجيا لا لتتحدى التصنيفات فحسب، بل لتترجم فوائد هذا الوضع إلى فوائد مادية لشعوبها.
إن المستقبل الأفضل سيكون مدفوعًا بأجرأ التقنيات، سواء كان ذلك يعني استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بموعد فشل المعدات، أو الآلات، أو السماح بالصيانة الاستباقية، أو تقليل وقت التوقف، أو استخدام أجهزة كمبيوتر اللكونتوم لاكتشاف أدوية جديدة منقذة للحياة.
إن إطار العمل العلمي والتكنولوجي هو رؤية استراتيجية؛ ففي بريطانيا، مثلا، حددت بـعشرة إجراءات رئيسية لتحقيق هذا الهدف بحلول عام 2030، حيث تعمل بريطانيا على جذب أفضل المواهب من جميع أنحاء العالم، وبناء قوة عاملة ماهرة لصناعات الغد، وتوفير البنية الأساسية والاستثمار لجلب التقنيات إلى السوق، وتشجيع البيئة التنظيمية التي تدعم الابتكار.
هذه الدول تستخدم كل الرافعات في حكوماتها لتحقيق هذا الهدف، والعمل بشكل وثيق مع قادة الصناعة والأوساط الأكاديمية من دول العالم كافة. لقد عملت كل إدارة رائدة على تطوير خطط عمل لتحقيق أهدافها الاستراتيجية وتحقيق أهدافها بأن تصبح قوة عظمى في مجال العلوم والتكنولوجيا، عبر التركيز الدؤوب على التحسينات الملموسة التي تهم المجتمعات في جميع أنحاء بلدانهم، وتنمية الاقتصاد وتحسين الخدمات العامة لمساعدة شعوبها على العيش لفترة أطول، وأذكى، وأكثر صحة، وسعادة.
ما هو مشترك فيما بين هذه الدول التي أحرزت تقدما كبيرا في معظم القطاعات التكنولوجية، مثل بريطانيا والصين وكوريا الجنوبية، هي منهجية خاصة في إدارة العلوم والتكنولوجيا بإستخدام إطار التخطيط والاستثمار والتقييم (Planning, Investment, Evaluation) الذي يركز على توضيح المواضيع الكبرى التي تتصل بالمجتمع والاقتصاد من منظور العلوم والتكنولوجيا والابتكار.
يركز هذا الإطار بالأساس على نظام الابتكار الوطني (National Innovation System NIS). كما يشمل أيضا نماذج دراسات لحالات التعاون الدولي التي يمكن تطبيقها في بلدانهم.
تجربة كوريا الجنوبية
أنشأت كوريا الجنوبية معهدا لتقييم وتخطيط العلوم والتكنولوجيا يدعى "كيستيب" (Korea Institute of S&T Evaluation and Planning - KISTEP)(2)، وهي مؤسسة عالمية متخصصة في التخطيط والتقييم للعلوم والتكنولوجيا، وتهدف الى خلق قيمة مستقبلية للعلوم والتكنولوجيا. لقد تمكنت كوريا الجنوبية من تحقيق نمو ملحوظ وتقدم واضح في مجال العلوم والتكنولوجيا، وقد لعبت كيستيب أحد الأدوار الحاسمة في هذه العملية. وبخاصة، دورها الرئيسي في:
- أعمال الاستبصار التكنولوجي.
- تخطيط سياسات العلوم والتكنولوجيا.
- تحديد أولويات البحث والتطوير.
- التنسيق ما بين السياسات.
- تخصيص برنامج التنسيق والميزانية.
- ووضع برامج لتقييم البحوث والتطوير.
قامت كيستيب بدورها المحوري في الاستبصار التكنولوجي على مستوى الأمة الكورية، ووضعت الخطط الأساسية للعلوم والتكنولوجيا الوطنية بما في ذلك "الاستراتيجيات الخمسة العليا" وخرائط الطريق الوطنية للتكنولوجيا. كما حددت كيستيب أولويات الاستثمار التي هي مفيدة للغاية لتحقيق الأهداف الإنمائية الوطنية وتشارك في كل خطوة من كل عملية في توزيع الميزانية في برامج البحث والتطوير الوطنية، والسعي إلى تحقيق التوزيع الأمثل لموارد البحث والتطوير. وتقوم كيستيب أيضا، بإجراء تقييمات للبرامج الكبرى—وتتعمق بإدارة ورصد البحث والتطوير للعلوم والتكنولوجيا بما في ذلك "خدمة المعلومات للعلوم والتكنولوجيا الوطنية" و "نظام قاعدة -كي تو-". ومع الخبرة الكبيرة المكتسبة من خلال الخدمات التي تقدمها إلى كوريا الجنوبية، بدأت كيستيب بالتركيز على نشر خبرتها الدولية وعلى التعاون العالمي في تقييم وتخطيط العلوم والتكنولوجيا.
لقد مرت كوريا الجنوبية بنمو اقتصادي ملحوظ خلال العقود الستة الماضية، والتي حولت البلد من بلد زراعي يعاني من الفقر إلى واحد من أقوى الاقتصاديات الآسيوية. إن استراتيجية العلوم والتكنولوجيا الوطنية كانت أحد المحركات التي مكنت من التحول الهائل. وقد بدأت كوريا الجنوبية بتطوير بنيتها التحتية للعلوم والتكنولوجيا في الستينات، عندما أنشأت وزارة العلوم والتكنولوجيا لتنسيق ودعم أنشطتها وواصلت تعزيز موقعها في مجال العلوم والتكنولوجيا كمصدر للقدرة التنافسية الوطنية في السبعينيات والثمانينيات. وركزت مؤخرا على زيادة كفاءة جهود العلوم والتكنولوجيا وتوسيع الاستثمارات في البحوث الأساسية والجوهرية.
كانت هناك نظم داعمة لهذا التطور، شملت السياسات المتعلقة بتنمية الموارد البشرية للعلوم والتكنولوجيا، والعوامل الرئيسية لتطويرها، بما في ذلك العلوم الدبلوماسية التي تتعلق بالعلوم.
إن مفهوم التخطيط والاستثمار والتقييم قدم نهجاً لإدارة العلوم والتكنولوجيا والتحسين المستمر لأنشطته على جميع المستويات، بما في ذلك السياسات والبرامج والمشاريع. إن هذا النهج يعمل كدورة، هدفها تحديد الأولويات للعلوم والتكنولوجيا الوطنية الأكثر ملاءمة، وتنفيذها بطريقة أكثر فاعلية. ويتم بشكل دوري تقييم الأولويات وتنفيذها. إن نتائج التقييم لها تأثير مباشر على التخطيط لأنشطة العلوم والتكنولوجيا في المستقبل، وعلى تحسين الحالي منها.
تجربة بريطانيا(3)
إنّ الدافع وراء أجندة بريطانيا كقوة عظمى في مجال العلوم والتكنولوجيا بسيط: فالعلوم والتكنولوجيا سيكونان المحرك الرئيسي للازدهار والقوة والأحداث التاريخية في هذا القرن.
إن نجاح بريطانيا في المستقبل كدولة غنية وقوية ومؤثرة، يتمتع مواطنوها بالازدهار والأمن، وحياة صحية ومستدامة، سوف يعتمد بالتالي على قدرتها على البناء على نقاط قوتها الحالية في مجال العلوم، والتكنولوجيا، والتمويل، والابتكار.
لن تتحقق هذه الأجندة إلا إذا عمل القطاع العام والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والصناعة والقطاع الخاص والشركاء الدوليون معًا، وتشارك عامة الناس باستمرار في ضمان عدم اعتبار العلوم والتكنولوجيا على هامش حياة المواطنين.
يعد إطار العمل العلمي والتكنولوجي بمثابة المرساة الاستراتيجية التي ستحققها سياسة حكومتها، والتي ستحاسب الحكومة عليها.
النقاط العشرة في إطار العمل العلمي والتكنولوجي
- تحديد التقنيات الحرجة من خلال تقييم أكثر من 50 تقنية وفقًا لـ 8 معايير:
- البيئة المستدامة
- الصحة وعلوم الحياة
- الاقتصاد الرقمي
- الأمن القومي والدفاع
- المقارنات الدولية
- القدرة التأسيسية
- إمكانات السوق
- التهديدات والمرونة
بناءً على هذا النهج، تم تحديد مجموعة من 5 تقنيات أساسية.
- الذكاء الاصطناعي (AI) - الآلات التي تؤدي المهام التي يؤديها الذكاء البشري عادةً، وخاصةً عندما تتعلم الآلات من البيانات كيفية القيام بهذه المهام.
- علم الأحياء الهندسي - تطبيق مبادئ الهندسة الصارمة على تصميم الأنظمة البيولوجية.
- الاتصالات المستقبلية - تطورات البنية الأساسية للبيانات الرقمية والاتصالات.
- أشباه الموصلات - فئة من المواد الإلكترونية ذات خصائص فريدة تقع في قلب الأجهزة والتكنولوجيا التي نستخدمها كل يوم.
- تقنيات اللكونتوم - الأجهزة والأنظمة التي تعتمد على ميكانيكا اللكونتوم، لتوفير قدرات لا تستطيع الآلات "الكلاسيكية" توفيرها.
- نقاط القوة والطموحات في بريطانيا مبنية على:
- تواصل واضح وموثوق ومتسق لأولويات وإجراءات العلوم والتكنولوجيا الحكومية، مما يزيد من الثقة بين أصحاب المصلحة لإجراء نشاط يدعم أهدافها؛ على غرار ما صنع فيما يعرف بـ "الصين 2025" أو الولايات المتحدة في ستينيات القرن العشرين "لقد اخترنا الذهاب إلى القمر".
- سيدرك أصحاب المصلحة أن الحكومة لديها طموحات واضحة تعمل على تحقيقها.
- بناء شعور بأهداف مشتركة في مجال العلوم والتكنولوجيا يشارك أصحاب المصلحة الرئيسيون في خلقها.
- تعزيز قوة نظم العلوم والتكنولوجيا وطموحاتها على المدى الأبعد.
- تُعَد بريطانيا من بين الدول الثلاث الأولى في العالم والقائدة في أوروبا، بحسب استطلاعات الرأي، في ما يتعلق بقوة نظم العلوم والتكنولوجيا.
- تعمل وزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا ضمن خطة عمل مشتركة بين مؤسسات الدولة بالتعاون مع مكتب مجلس الوزراء ووزارة الأعمال والتجارة.
- الاستثمار في البحث والتطوير من خلال:
- زيادة استثمار القطاع الخاص في البحث والتطوير حيث خصصت بالفعل لاستثمار 20 مليار جنيه إسترليني في البحث والتطوير في الفترة من 2024 إلى 2025.
- ضمان حصول بريطانيا على التنوع المناسب في المشهد العلمي والتكنولوجي إلى جانب جامعاتها الممتازة، ستعمل على تحسين المنظمات القائمة مثل مؤسسات البحث في القطاع العام ومراكز الأبحاث، والنظر في نماذج جديدة مرنة ومبتكرة مثل منظمات البحث المركزة والدعم العملي للمبتكرين.
- تسريع الترجمة والتسويق وتبادل المعرفة من خلال الدعم المستهدف لمجموعات الابتكار المحلية.
- تقليل البيروقراطية في تمويل البحث والابتكار، مع قيام الممولين بتجربة مناهج جديدة.
- المواهب والمهارات؛ حيث يجري العمل على:
- إنشاء نظام للمهارات سريع الاستجابة يوفر المهارات اللازمة لدعم قوة عاملة من الطراز العالمي في قطاعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ودفع النمو الاقتصادي.
- توظيف والاحتفاظ بمعلمي التعليم العالي والمدارس في المواد المتعلقة بالعلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات.
- توسيع الفرص للمشاركة في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وضمان دخول مجموعة أكثر تنوعًا من الأشخاص إلى القوى العاملة في العلوم والتكنولوجيا.
- تأسيس ميزة تنافسية راسخة في جذب المواهب الدولية.
- العثور على الجيل القادم من قادة الذكاء الاصطناعي من جميع أنحاء العالم وجذبهم، وتقديم عروض رائعة ومطابقتهم لفرص محددة في المملكة المتحدة.
- إعطاء الناس الفرصة للتدريب وإعادة التدريب وتحسين المهارات طوال حياتهم للاستجابة للاحتياجات المتغيرة؛ باستخدام برامج استشارية مهنية استباقية تنشئ روابط بين التدريب أو التعليم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في سن 16 والوظائف ذات الأجر الجيد. شملت هذه مبادرات ثورية مثل استحقاق لقرض مدى الحياة، وهو أمر مهم بشكل خاص نظرًا لأن 80٪ من القوى العاملة بحلول عام 2030 ستكون مشاركة في العمل فعليا.
- تمويل شركات العلوم والتكنولوجيا المبتكرة باتباع ما يأتي:
- زيادة المعروض من الاستثمار المؤسسي لتعميق مجموعة رأس المال المحلي المتاح لتوسيع نطاق شركات العلوم والتكنولوجيا. والاستفادة من مدخري المعاشات التقاعدية من عائدات محتملة أعلى وأن تتمكن الشركات الواعدة من الوصول إلى مصادر محلية لرأس المال للتوسع والبقاء في المملكة المتحدة.
- نظام بيئي لتمويل التوسع، قادر على رعاية الجيل القادم من شركات العلوم والتكنولوجيا التنافسية عالميًا.
- امتلاك الابتكارات التي تساهم في النمو الاقتصادي عبر:
- سجل حافل بالنجاحات الاستراتيجية في تنفيذ الابتكارات الحالية والمستقبلية من خلال الإشارة بوضوح إلى امتلاك التقنيات التي قامت الحكومة بشرائها لتلبية طموحاتها الخاصة في التقنيات الحيوية.
- تطوير الأعمال والقدرة على المغامرة لدعم شركات العلوم والتكنولوجيا التي تدعم الأهداف الموضوعة، وتشكيل مجموعة من الشراكات مع شركات مبتكرة عالية النمو.
- زيادة الإنفاق من قبل الإدارات على المنتجات والخدمات المبتكرة، بمساعدة جزء محدد من الإنفاق على المشتريات لدعم الابتكار بشكل مباشر.
- شراكات دولية تدعم التقنيات الحرجة، بالاستفادة من:
- تقديم صندوق الشراكات العلمية الدولية بقيمة 119 مليون جنيه إسترليني لإنشاء عالم أكبر وأفضل مما يمكننا القيام به بمفردنا.
- توصيل أولويات العلوم والتكنولوجيا ونقاط القوة والقيم بوضوح وبشكل متسق إلى جمهور دولي واسع من الحكومات، والأكاديميين، والمستثمرين، والصناعات.
- مجموعة متنوعة وذات أولوية من الشراكات الدولية القائمة على العلوم والتكنولوجيا، بناءً على الروابط القائمة (مثل مجموعة الدول السبع ومجموعة العشرين) والمحددة بأهداف مفيدة للطرفين.
- إتباع نهج منسق للنشاط الدولي في مجال العلوم والتكنولوجيا، والذي من شأنه أن يسهل من الشراكات البحثية والبنية الأساسية طويلة الأجل، واستكشاف أموال التعاون الدولي الجديدة، وإعطاء الأولوية للبحث والتطوير في ميزانية المساعدات الإنمائية الرسمية، ونشر شبكة العلوم والابتكار بشكل فعال.
- شبكة دبلوماسية تتمتع بمعرفة علمية وتقنية قوية وشبكات داخل البلاد، وقيادة تكنولوجية دولية أكبر.
- إنشاء مركز خبرة تكنولوجي في بريطانيا حتى يتمكن خبراء التكنولوجيا من دعم البلدان النامية لتحويل اقتصاداتها، بما يتماشى مع المبادئ المشتركة.
- تعزيز وتنسيق البنية التحتية لجذب المواهب والاستثمارات عبر:
- زيادة قدرة البنية التحتية لتحقيق طموحات العلوم والتكنولوجيا من خلال استخدام نهج السندات التجارية عبر جميع مستويات الجاهزية التكنولوجية.
- الوصول إلى مجموعة واسعة من البنية الأساسية للبحث والابتكار في مؤسسات أبحاث القطاع العام.
- ضمان الاستثمار بشكل استراتيجي في البنية الأساسية الدولية ذات الصلة والمهمة التي تدعم الميزة العلمية لبريطانيا (مثل مركز سيرن الدولي، مختبر البيولوجيا الجزيئية الأوروبي)، أو الذي يتماشى مع التقنيات الحرجة، أو تسهل تبادل المعرفة.
- تعزيز البيانات كعامل تمكين حيث يتم تلبية الاحتياجات الرقمية للأوساط الأكاديمية والحكومة والصناعة من خلال البنية الأساسية الرقمية الراسخة بما في ذلك خدمة البيانات المتكاملة لمكتب الإحصاء الوطني، واتفاقيات تبادل البيانات وبروتوكولات الوصول.
- التنظيم والمعايير:
- نظام تنظيم ومعايير مؤيد للابتكار يسهل تطبيقات العلوم والتكنولوجيا التجارية على نطاق واسع.
- التحرك بسرعة نسبيًا مقارنة بالآخرين لوضع قواعد للتكنولوجيات الحرجة، وعند الاقتضاء، وضع اللوائح لزيادة اليقين للمبتكرين في هذه المجالات.
- الجهود الدولية الرائدة لتشكيل المعايير واللوائح للتكنولوجيات الحرجة.
- وضع نظام المعايير الفنية العالمي الذي يدعم الحوكمة الدولية للتكنولوجيات الحرجة.
- استخدام قدرة الحكومة على مسح الأفق لدعم الجهات التنظيمية للنظر في كيفية تحول التقنيات الناشئة إلى تقنيات حاسمة.
- تحقيق قطاع عام مبتكر بالسعي الى:
- خلق المهارات والعمل على محو الأمية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات اللازمة لتقديم سياسة العلوم والتكنولوجيا لتحقيق ميزة استراتيجية على جميع مستويات الحكومة.
- تحسين المعرفة والمواهب وتبادل الموارد داخل الحكومة، وبين القطاع العام والأوساط الأكاديمية والشركات.
- مكافأة ودعم النهج المبتكر لتقديم الخدمات داخل القطاع العام.
- زيادة نسبة خريجي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات من خلال التأهيل السريع إلى 50٪.
لقد خصصت بريطانيا 250 مليون جنيه إسترليني لـ "مهام التكنولوجيا" التي تستغل وتدعم الريادة العالمية في ثلاث تقنيات حاسمة، وهي الذكاء الاصطناعي، وتقنيات اللكونتوم، وعلوم الأحياء الهندسي.
بإرشاد من هذا الإطار، يتم الحفاظ والتطوير لنظام بيئي يجذب الاستثمار، وينمي الشركات، والابتكار، وينشر الأبحاث العلمية والتكنولوجية ذات المستوى العالمي من أجل الخير. لكن في نفس الوقت سيتطلب جهودًا متضافرة ومرونة وعقلية موجهة نحو التنفيذ تشمل الحكومة والشركاء خارجها لتقديمها بوتيرة سريعة.
تجربتنا في العراق
أنشأت وزارة العلوم والتكنولوجيا في العراق بعد الاحتلال عام 2003؛ بالاستناد الى حقيقة الدور الذي يمكن أن تلعبه العلوم والتكنولوجيا في ازدهار أي بلد، لكن هذا الإنجاز البناء رُجِمَ من قبل الأحزاب الاسلامية الحاكمة في عام 2015 لأسباب يصعب لأي منصف أن يستوعبها.
مرت تسعة أعوام على إلغاء وزارة العلوم والتكنولوجيا في العراق. الإلغاء الذي تم بقرار من مجلس الوزراء رقم 312 في عام 2015 أثناء رئاسة السيد حيدر العبادي لمجلس الوزراء؛ والسيد العبادي حامل شهادة دكتوراه في الهندسة الميكانيكية من مانشستر في المملكة المتحدة!!!
هذا القرار عطل النشاطات العلمية في البلد على شحتها، وشتت كوادر الوزارة العلمية بشكل مدروس ومتعمد، حيث تم توزيع قسم كبير من موظفي الوزارة على بقية مؤسسات الدولة، مثل دوائر الكمارك الحدودية، وقسم شحيح في الدوائر غير التدريسية التابعة الى "وزارة التعليم العالي والبحث العلمي".
من المفيد التذكير بالنشاطات التي قامت بها الوزارة قبل قرار الإلغاء للوصول الى الأسباب الحقيقة الخفية، وغير المعلنة، وراء هذا الاجراء.
قامت الوزارة خلال عام 2014 بجولة الى كافة محافظات العراق، عدا إقليم كردستان، بمشاركة كادر الوزارة بدءا من الوزير والوكلاء، والمستشارين، والمدراء العامين، والخبراء. كان الغرض من هذه الجولة هي رصد المشاكل الفنية التي تواجه المحافظات والمشاريع التي تسعى المحافظات الى تنفيذها ووضع كافة إمكانات الوزارة الفنية للتعاون مع المحافظات في مجال الاستشارات العلمية وتنفيذ مشاريعهم.
كانت حصيلة هذه الجولة هي المئات من الاستشارات العلمية والمشاريع التي كانت تتماشى وقدرات وزارة العلوم والتكنولوجيا لتنفيذها، وفي نفس الوقت توفر الملايين من العملات الصعبة لخزينة الدولة، لتستغل داخليا في بناء القدرات والبنى التحتية، وتدعم العمالة المحلية وتطور من خبراتها. لكن هذه الاستشارات العلمية والمشاريع لو نفذت ستمنع مكاتب الأحزاب الإسلامية، المتنفذة المتواجدة في المحافظات، من الفساد والتلاعب بالمشاريع وتحرمها من ممارسة فسادها المستشري في البلد.
جاء رد هذه المكاتب سريعا وخاطفا، كممارساتها المعتادة في الإضرار بكل ما يخدم المصلحة العامة، وهو بإلغاء وزارة العلوم والتكنولوجيا بحجة الترشيق في الهيكل الوظيفي؛ التي هي حجة واهية لأن كل كوادر الوزارة بقوا يتقاضون رواتبهم، لكن من مؤسسات أخرى في الدولة، عدا الوزير الذي تم إنهاء خدماته لحصول خلاف سياسي بينه وبين أحد وكلاء الوزارة المقربين من الأحزاب السياسية الدينية الحاكمة.
السؤال الموضوعي والمنطقي هنا، لما لا نستفيد من التجارب الدولية في مجال العلوم والابتكار والتكنولوجيا ونتبنى ما يلائمنا من هذه التجارب ونطوعه بحسب ظروف بلدنا؛ ماذا جنى أبناء شعبنا من جراء إلغاء وزارة العلوم والتكنولوجيا؟ هذا الاجراء الذي حرمنا من استثمار إمكانية كوادرنا العلمية، سواء من هم في الداخل أو في الخارج. إن قدرات هذه الكوادر نحن بأمس الحاجة اليها، لأن جزءا كبيرا من مشاكلنا، بسبب خصوصيتها، يكون حلها من قبل كوادرنا هو الحل الأمثل دائما.
المصادر
ـــــــــــــــــــــــــ