
مقدمة:
واجه الاقتصاد العراقي تحديات عديدة على مدى يزيد على اربعين عاما، اثرت بشكل واضح على جميع قطاعاته الاقتصادية، وكان التراجع واضحا في الفترة التي اعقبت عام الاحتلال، وقيام عملية سياسية قوامها المحاصصة الطائفية والقومية والمناطقية والحزبية. وجميعها معاول هدم لكيان الدولة، حيث واجه البلد ازمة سياسية حادة بين مكونات العملية السياسية انتهت بتشكيل حكومة توافقية، كان الشعب يأمل ان تعيد للبلد كيانه وتعمل على اعادة البناء وتعالج المشاكل الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل كل المفاصل ذات الصلة بعمل الدولة، دولة ذات كيان وسيادة وقرار مستقل وادارة للموارد الاقتصادية ادارة كفوءة وفاعلة من اجل النهوض بالبلاد الى المستويات التي تنهض بالعراق الى مصاف الدول الناهضة؛ اذ رغم ازدياد الموارد النفطية في السنوات الاولى لما بعد الاحتلال و السنوات الاخيرة إلا ان نتيجة لسوء ادارة المال العام وتفشي ظاهرة الفساد في كل مفاصل الدولة تراجعت البلاد واصبحت مضرب الامثال لأدنى الدول. وصنف العراق الرابع من حيث معدل الفقر، كما ورد في احصائيات منظمة الاسكوا بسبب كونه ضحية المحاصصة بكل اشكالها عبر 20 عاما. وقد مرّ على الحكومة المشكلة الحالية حوالي ثلاثة اشهر أو يزيد لكن المؤسف ان الآمال تضاءلت نتيجة ظهور حالات فساد كبيرة ومنها ما سمي بـ "سرقة القرن" وفاسدين بعناوين كبيرة لكن التعامل معهم كان مخيبا للآمال رغم حجم المبالغ المسروقة.
اولا- الفوائض المالية :
أهملت القطاعات الاقتصادية خلال الفترة التي سبقت عام الاحتلال حيث كان بين العسكرة والاهمال، ولذلك كانت الايرادات النفطية تساهم بالجزء الاكبر من ايرادات الدولة، ولذلك اعتبر العراق دولة ريعية. ورغم محاولات البعض للنهوض ببقية القطاعات الاقتصادية إلا انها تواجه بقيود تمنع هذه المحاولات في العراق، ويوضح الجدول رقم (1) الايرادات النفطية للفترة 2016 – 2022 (1). وتشير التقارير الى ان الفوائض المالية قد تتجاوز 37 مليار دولار لعامي 2021 و2022 اذا استمرت اسعار النفط بسعر يفوق 85 دولارا.

ثانيا: واقع القطاعات الاقتصادية:
ا- القطاع الزراعي: يشهد القطاع الزراعي اهمالا تاما فالمزارعون والفلاحون بحاجة الى دعم بالبذور والاستشارة الفنية والاسمدة، والاهم المياه التي تهدد العراق بالتصحر والجفاف بسبب التغير المناخي وعدم تعاون دول المنبع مع العراق في الاقرار بحقوقه الدولية في المياه كدولة مصب وقد بدأت نتائج شحة المياه في تقليص الاراضي المخصصة لزراعة الرز، بل بدأت هجرة من الريف الى المدينة لأن في بعض الأراضي تم تقليص الاراضي المخصصة لزراعة الرز فيها والتي تعد مصدر العيش لاصحابها. علما أنه كانت الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة بحدود 48 مليون دونم، وفي العراق هناك نهران هما دجلة والفرات، وكان ينتج ويصدر منتجاته الزراعية الى عدة دول، إلا ان التحديات والمشكلات التي واجهها العراق من حروب متعددة وحصار شامل، ادت الى تراجع الاقتصاد العراقي ككل والقطاع الزراعي من ضمنها، وربما ان حجم المساحات الصالحة للزراعة تراجع بسبب شح المياه، والناتج عن التغير المناخي وعدم التزام دول المنبع تركيا وايران وسوربا دولة الممر بحقوق العراق المائية الدولية، ما خفض حصة العراق من المياه الدولية، اضافة الى استمرارها في بناء السدود كمحاولة تركيا بناء سد الجزرة الاخطر من سد أليسو رغم اعتراض العراق على بناء هذا السد ومطالبته بتحديد حصته المائية. وما تقوم به المحافظات الشمالية التي تنوي بناء اربعة سدود دون التنسيق مع الحكومة المركزية ستكون له نتائج خطرة في خفض حصة المنطقتين الوسطى والجنوبية من المياه، وقد انخفضت الى حد كبير المساحات المزروعة، ولاسيما في الموسمين الصيفي والشتوي لهذا العام. وقد اهمل القطاع الزراعي بشكل كبير واعتمد على الاستيراد من دول اقليمية وجارة، مما ادى الى تراجع الزراعة وتبعا لذلك كانت مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الاجمالي متدنية إذ بلغت 4.18% للمدة من 2010 – 2020 (2) كما موضح في الجدول (2). وتبعا لذلك تأثرت الثروة الحيوانية التي تعتمد على المراعي التي تأثرت بالجفاف وشح المياه التي ترتب عليها زيادة الهجرة الريفية - الحضرية بشكل كبير واثر ذلك على القطاع الزراعي بشكل ملحوظ.
2- القطاع الصناعي:
القطاع الصناعي وهو القطاع الذي كان يعمل في زمن الحصار، فما الذي يدعو الى توقف هذا القطاع المتميز بمنتجاته على مر السنين، وليس هناك رؤى لتشغيله، فهل النمو يحصل لقطاع اوقف بإصرار. حيث واجه القطاع الصناعي تحديا واضحا وكبيرا خلال الفترة التي اعقبت فترة الاحتلال، إذ اهمل هذا القطاع بتعمد وذلك بتأييد ودعم من جهات واطراف متعددة لها اذرع مسلحة، تقف حائلا دون السماح لأي طرف بالتدخل لمصلحة هذا القطاع. وقد شمل هذا الاهمال كلا من القطاعات الحكومية والخاصة و كذلك المنشآت الصغيرة. وكان اعلى عدد للمنشآت الكبيرة هو (682) منشأه في سنة 2020، تتوزع بين القطاعات الثلاث منها (619) منشأه للقطاع الخاص. ويبين الجدول (3) والجدول (4) عدد هذه الشركات حسب إحجامها وقطاعاتها. ومن الجدير بالإشارة ان مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الاجمالي للسنوات الثلاث 2018 و2019 و2020 بحدود 2.0% و2.1% و 2.7% على التوالي في حين كانت مع وجود الحصار نسبة المساهمة 12%، وان هذا القطاع ممكن ان ينهض من كبوته لو تمت ادارته من عناصر كفوءة ووطنية.


3 – القطاع النفطي: لم يشهد القطاع النفطي اية تطورات خلال فترة تزيد على اربعين عاما وبالتالي فهو متخلف تقنيا عن أقرانه في الدول النفطية الاخرى. كما تعرضت بعض منشآته الى النهب والسلب والتفكيك كما حصل لمصفى بيجي، وفي كركوك. وللمقارنة، في مصر مثلا 14 مصفى في حين في العراق هناك مصافي مضى عليها زمن وهي بحاجة الى التطوير، ولا يتعدى عددها ثمانية مصافي فقط وهي:
- مصفى الدورة
- مصفى كركوك
- مصغى ميسان
- مصفى الكَيارة
- مصفى الوند
- مصفى بيجي
- مصفى الشعيبة
- مصفى ذي قار
وهناك ثلاثة مصافٍ جديدة في النجف وكربلاء والشنافية تأسست في الفترة التي اعقبت عام الاحتلال، 2003. كما أصبحت كلفة انتاج البرميل مرتفعة بموجب عقود التراخيص في حين ان تكلفة انتاج البرميل في العراق هي اقل كلفة بالمقارنة مع دول نفطية اخرى. وكانت اعلى كلفة هي (6 - 7) دولارات في الحقول البحرية في ابو ظبي واقل كلفة في الكويت من (1 - 2) دولار ، بينما كانت تبلغ في العراق اقل من نصف دولار، الا ان عقود التراخيص رفعت هذه الكلفة ويذكر البعض انها تصل الى (22) دولارا، في حين ذكرت الحكومة ان الكلفة هي (11 – 12) دولارا، وربما الاصح هو رقم وسطي بحدود ( 15 – 16 ) دولارا (3).
4 – قطاع السياحة: توجد مواقع سياحة وآثارية وتاريخية في العراق من شماله حتى جنوبه وهناك ورغبة لدى الكثير من السائحين لزيارة تلك المواقع لو توفر لها الامن والخدمات السياحية. ولو حصل فيها اهتمام من قبل الدوائر ذات العلاقة شريطة توفير الامن مع توفر الخدمات السياحية التي يحتاجها السائح، لوفرت هذه المواقع ايرادات للدولة تقارب الايرادات النفطية، ولكن تعرض العراق على مدى يزيد على الاربعين عاما الى الحروب والازمات السياسية والاقتصادية والحصار وقد اثر ذلك كثيرا عليه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لأن كل هذه الجوانب مترابطة ومؤثرة بعضها على البعض الآخر، الامر الذي انعكس على الاقتصاد الوطني بكل قطاعاته ومنها بالتحديد قطاع السياحة الذي يعتمد على توفر الامن اولا والخدمات السياحية التي يحتاج اليها السائح. ويوضح الجدول (5) اعداد الفنادق السياحية بدرجاتها المختلفة حيث كانت الفنادق ذات الدرجة الممتازة اقلها عددا لكنها اصبحت 35 فندقا سنة 2020 بعد ان كانت 10 فنادق سنة 2015 رغم تنشيط السياحة نسبيا حيث تحتاج السياحة الى الاستقرار الامني والسياسي، وهما عنصران ما زالا قلقان بحيث البيئة السياحية ليست جاذبة كما يجب. اما الفنادق ذات الدرجات الاقل من د/1 – د /4 او الشعبية فأعداها اكبر، في حين بلغ عدد السياح من عراقيين وعرب وأجانب اعلى عدد سنة 2019 وهي السنة التي سبقت وباء كورونا؛ اذ بلغ عدد السياح لهذه السنة (13,992,463) سائح. ويمكن ان تزداد الاعداد اذا توفر الاستقرار الامني والسياسي مع تحسين الخدمة الفندقية .

ثالثا – المقومات:
هناك مجموعة من المقومات التي يمكن ان تساهم في تعزيز استراتيجية تأهيل القطاعات الاقتصادية، ابرزها:
- وجود فوائض مالية: يكاد يكون الاقتصاد العراقي احادي الجانب لاعتماده بشكل كبير على الايرادات النفطية التي شكلت نسبة كبيرة من الايرادات العامة، تجاوزت في غالب الاحيان 90% من مجموع الايرادات العامة، وتحققت وازدادت هذه الفوائض بحكم ارتفاع اسعار النفط. وتشير التقارير الى ان هذه الفوائض قد تتجاوز 37 مليار دولار لعامي 2021 و2022 اذا استمرت اسعار النفط بسعر يفوق 85 دولارا.
2 - وجود كوادر متخصصة: في العراق كوادر متخصصة وكفوءة من كل الاختصاصات ولديها وطنية ورغبة في خدمة الوطن بكل اخلاص ومن الناس المخلصين والنزيهين، وبالتالي بالامكان الاستفادة من هذه الكفاءات واستثمار قدراتها وكفاءتها في تنفيذ المشروعات الاستثمارية التي يمكن ان تنهض بالبلد الى حالة افضل بعد تراجع دام اكثر من اربعين عاما، اضافة الى ما عاناه الاقتصاد العراقي من تحديات ابرزها الحروب العبثية التي سخرت كل القدرات للحرب، وهذا ما كان قبل عام 2003.
3 - وجود حكومة وضعت منهاجا وزاريا طموحا شمل تبني خطة واقعية قابلة للتنفيذ ـ كما جاء في المنهاج ـ من قبل الوزارات والهيئات المستقلة، تتضمن الخطة اصلاح القطاعات الاقتصادية والمالية والخدمية ومعالجة الفقر والبطالة ومكافحة الفساد الاداري والمالي ووقف هدر المال العام، لكن الامر يحتاج الى جدية دون التأثر بالجماعات الضاغطة (4) .
4- الحراك الشعبي التشريني الذي طالب ويطالب بالتغيير وبحكومة وطنية تضع المصلحة الوطنية للبلد في المقدمة وتلبية مطالب المنتفضين، اذ لا يمكن ان تستمر الحكومات بالصمت إزاء المطالبات الشعبية، فللشعب كلمته التي لا ترد.
رابعا – التحديات: بالمقابل هناك تحديات كبيرة يمكن ان تعرقل تنفيذ اي استراتيجية للنهوض بالاقتصاد العراقي، وبالتالي عرقلة تأهيل القطاعات الاقتصادية لعدم وجود ارادة موحدة وتعدد الكتل والتشكيلات السياسية والفصائل المسلحة التي كان السبب في تعدد الارادات والتوجهات، ومع الارتباطات الدولية والاقليمية لهذه الجماعات لم يتولد لدى الجميع وبشكل محدد ارادة واحدة نحو تطوير القطاعات الاقتصادية، ولذلك بقي حال القطاعات الاقتصادية يأخذ بالتراجع الى مستويات متدنية. ومن اهم التحديات:
أ. الفساد المالي والاداري: ظاهرة الفساد المالي والاداري، ظاهرة تكاد تكون موجودة في كل المجتمعات، لكن الاختلاف في مستوياتها حسب كل دولة وقدرتها على مكافحة الفساد، وهي تتعاظم بغياب سلطة القانون وتهاون القضاء مع مرتكبي جرائم الفساد المالي بكل اشكاله. وقد يكون تهاون القضاء وعدم قيامه بمسؤولياته بفعل فاعل وهذا الفاعل له القدرة السلطوية والعسكرية اللاقانونية. وهناك استغلال للمنصب الحكومي ضمن ما يسمى اساءة استعمال السلطة. وقد تفشت هذه الظاهرة في العراق على نحو واسع وفي مختلف مفاصل الدولة، ولذلك كانت هذه الظاهرة أقوى عامل معرقل ومعوق ومحدد كبير امام اي محاولة تطوير او استثمار من شأنه النهوض بالقطاعات الاقتصادية. ومن مظاهر الفساد المالي تقدير تكاليف المشروع الاستثماري بضعف التكاليف وهذا ما ذكره أحد رجال الاعمال، وكما ورد في تقرير مجلة نيويورك الامريكية الصادرة في 29 تموز 2020. وكان التقرير الذي نشرته بعنوان (الدولة اللصوصية في العراق – نظرة من الداخل) (5)، يقول رجل الاعمال انه احيل عليه مشروع بكلفة 40 مليار دينار وهو ما يعادل في حينه 33 مليون دولار، ويذكر انه نفذ المشروع بعشرة مليارات دينار، و 25 مليار دينار ذهبت لجيوب مسؤولين حكوميين، بينما حصل هو على خمسة مليارات. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا توضع تكاليف مضاعفة بأربع مرات من الكلفة التي يمكن بها انجاز المشروع، وهذه حالة يمكن ان تكون اقل الحالات فسادا، لكن هكذا تُسيّر الامور في دولة غاب فيها القانون الفاعل والحساب (6).
ب. القوى الدولية والاقليمية: تشكل القوى الدولية والإقليمية قوى مؤثرة وبقوة في الارادات الداخلية للدول، وقد مورست مثل هذه التأثيرات في اغلب دول العالم الثالث والهدف منها ابقاء هذه الدول متخلفة لتبقى معتمدة على الاستيراد للسلع والبضائع واية مستلزمات يحتاجها البلد في استخدامات مختلفة، ومن اجل ان تبقى اسواقها اسواقاً لتصريف وتسويق منتجات هذه القوى الدولية والإقليمية.
ج. غياب سيادة القانون: تراجع سيادة القانون وهذا التراجع يعود الى عدم امكانية الدوائر المعنية بفرض سيادة القانون على الجميع، ولكنه يطبق على المواطنين الذين ليس لديهم قوى تسندهم، وهذا عيب كبير، ان يطبق على الفقراء وينجو منه الفاسدون، في حين تقتضي العدالة الاجتماعية تطبيق القانون وفرض سيادته بشكل متساوٍ على الجميع مهما كان موقع المتهم او المجرم.
د. الجماعات الضاغطة: تبرز في كل مجتمع جماعات تمارس انواعا متعددة من اشكال الضغط المجتمعي والسياسي والاقتصادي... الخ، ولمختلف الاغراض ولأهداف شتى. ولكون الادارات اغلبها لم تكن قد جاءت الى مواقعها عن طريق الخيارات الاعتيادية القائمة على الخبرة والكفاءة والمراس والمؤهلات العلمية، وحتى تلك التي تملك مثل هذه الخبرات لكنها جاءت الى الموقع بأساليب غير اعتيادية، فهي في هذه الحالة لا تستطيع الصمود امام الجماعات الضاغطة، وبالتالي تستجيب لهذه الجماعات خلافا للقانون، ما يعكس اثره على مجمل الاقتصاد العراقي بالكامل.
خامسا - مجالات التأهيل
- القطاع الزراعي:
1-1 بداية يجب التفاوض بجدية مع دول المنبع والمرور لنهري دجلة والفرات، لضمان حصة العراق المائية وفقا للقوانين والمعاهدات والاعراف الدولية، وكذلك ما يتعلق بالفروع التي حول مجراها من قبل الجارة الشرقية وتحويل مسار نهري الكرخة والكارون وهما كما تقول التقارير الدولية نهران دوليان لا يجوز تغيير مسارهما. كما يجب ان يكون بناء اي مرفق يتعلق بالإرواء من سدود وخزانات تحت اشراف وزارة الموارد المائية في بغداد وعدم السماح لأي جهة مهما كانت اقامة اي منشأ اروائي خارج اشراف الوزارة المركزية .
1 – 2 تولي وزارة الموارد المائية تنظيم ادارة المياه وتوزيعها حسب متطلبات الحاجة الزراعية وبالتنسيق مع الدوائر الزراعية المتخصصة وبناء السدود او النواظم او حتى الخزانات حسب ما يراه خبراء وزارة الموارد المائية وهي وزارة فيها من الخبرات المشهود لها بالكفاءة، مع عدم السماح بالتجاوز لأي جهة كانت، وتطبيق القانون على المتجاوزين.
1- 3 تسليف المزارعين والفلاحين من الفوائض المالية بسلف تمكنهم من شراء الآلات الزراعية باختلاف انواعها ونوع الحاجة اليها على ان تقدم هذه السلف باشراف اتحاد الجمعيات الفلاحية وللأغراض التي تسلف من اجلها، تجنبا لاستخدام هذه السلف للأغراض غير الزراعية وذلك باستحصال تعهدات بمصادرة المقتنيات في حالة استعمال السلف او القروض للأغراض غير الزراعية مع استمرار المطالبة بالقرض، اي مصادرة واستمرار المطالبة بالقرض لان مثل هذه الحالات واردة.
1- 4 دعم القطاع الزراعي من خلال استلام المحصول وتسويقه ومنع استيراد ما ينتج في العراق وحصر الاستيراد فقط للمحاصيل الزراعية التي لا يمكن انتاجها بالعراق، وهذا مبدأ معمول به في مختلف دول العالم.
1 -5 دعم المزارعين والفلاحين بالأسمدة الكيمياوية والبذور والإرشاد الزراعي والمكافحة للأمراض التي تصيب الحقول الزراعية او اشجار الفاكهة والنخيل.
1-6 الاستفادة من بحوث الندوة التي اقيمت حول (ظاهرة التصحر وتدهور البيئة) من قبل متخصصين عراقيين في الرابع والعشرين من ايلول العام الماضي (2022) والتي طرحت فيها افكار علمية مفيدة في معالجة الملوحة والتصحر وشح المياه في بريطانيا (8).
2 - القطاع الصناعي:-
القطاع الصناعي من القطاعات التي تحظى باهتمام الحكومات باعتباره من القطاعات الاقتصادية المهمة والتي تشكل ركنا اساسيا من اركان الاقتصاد الوطني في اي دولة. ولكن هذا القطاع تعرض الى الاهمال في العراق ولاسيما بعد فترة الاحتلال حيث كان في زمن الحصار يعمل ويساهم في تلبية احتياجات المستهلك والبعض منها يصدر خارج العراق، إلا انه تراجع بعد الاحتلال بشكل كبير والسبب اهمال القطاع الصناعي وفق اجندات اقليمية ودولية. وقد ادى ذلك الى تقادم الآلات والمعدات بحيث يحتاج الامر الى اعادة نظر في كل ما يتعلق بالقطاع الصناعي. وابرز هذه الخطوات التي يمكن القيام بها من اجل النهوض ما يأتي:
2-1 إيقاف الاستيراد لكل السلع التي يستطيع القطاع الصناعي انتاجها دعما للصناعة.
2-2 تسليف الشركات الصناعية مبالغ من الفوائض المالية تمكنها من استبدال مكائنها وتدريب كوادرها على الآلات والمكائن الحديثة وتأهيل تلك التي يمكن تأهيلها للاستفادة منها على ان تتم استعادة هذه المبالغ من ايرادات الشركات بعد مرور زمن معين، وهو تمكن هذه الشركات من استعادة قدراتها وبيع المنتوج سواء في الاسواق الداخلية ام الخارجية من خلال التصدير. وان يكون التسليف في الاقل لمدة خمس سنوات.
2-3 دعم المنشآت الصناعية الصغيرة لانها تساهم في الانتاج المحلي الاجمالي وتشغل قوى عاملة كبيرة بها، وبالتالي تساهم في امتصاص البطالة.
2-4 اعفاء الشركات الصناعية من الضريبة والرسوم الجمركية لمدة عشر سنوات.
2-5 استبدال الادارات الحالية بإدارات جديدة كفوءة وغير متحزبة ضمانا لحيادية الادارات وتوجهها الى العمل تحت هيمنة الدولة وسياستها التي يجب ان تتجه الى تنمية الصناعة الوطنية.
2-6 الزام دوائر ومؤسسات الدولة باقتناء المنتج الوطني دعما للصناعة العراقية وهكذا تعمل كثير من دول العالم في دعم وتأزر صناعاتها الوطنية.
3- القطاع النفطي :
واجه القطاع النفطي منذ عام التأميم حزيران عام 1972 ورضوخ الشركات النفطية في آذار سنة 1973 لقرار التأميم تحديات كبيرة عكست آثارها بأشكال مختلفة. ومن بين اهم هذه التحديات هي الحروب التي حصلت خلال الفترة من 1980 ولغاية عام الاحتلال اضافة الى الحصار الشامل، وقد اصبح الاقتصاد العراقي في خدمة الحرب، لذلك لم يشهد القطاع النفطي اية تطورات، كما هي بقية القطاعات الاقتصادية الاخرى، ما ادى الى تقادم المعدات والمكائن المستخدمة في حين حصلت تطورات وظهرت تكنولوجيا متطورة دخلت الى الميدان، في حين بقي العراق متخلفا عن بقية الدول التي شهدت استقرارا خلال ذات الفترة. وعلى وفق ذلك يمكن ان تشتمل استراتيجية تطوير القطاع النفطي ومن خلال القيام بالعمل على تنفيذ الخطوات الاتية:
- الاستعانة بالشركات النفطية العالمية المتقدمة تكنولوجياً كالشركات البريطانية والامريكية والفرنسية واليابانية لتوفير أجهزة الفحص المختبري لفيزياء النفط للنماذج الباطنية من تحت سطح الارض من اجل دراسة الخواص الفيزيائية و تشمل اجهزة:
- تطوير محطات عزل الغاز والاستفادة منه بدلا من احتراقه.
- توفير معدات الحفر الحديثة
- تطوير محطات كبس الغاز
- التفاوض مع دول الجوار التي للعراق معها حقول مشتركة، للكف عن الحفر الافقي والقيام بسحب النفط الخام ومنذ عدة سنوات، والمطالبة بحصة العراق من هذه الكميات المسروقة واثارة الموضوع دوليا ان اقتضى الامر ذلك.
- ادارة النفط العراقي ادارة مركزية ومن اهل الاختصاص وعدم التفويض؛ فالثروة ثروة شعب وليس من المنطقي ان تكون تحت ادارة من يعمل على اساس مناطقي او قومي او طائفي او سياسي والاقتصار على اعتبار الوطن الواحد والوحدة الوطنية..
- محاسبة الشركات النفطية التي تقبل تسويق النفط من اي طرف او اي جهة كانت، وترك حالات التواطؤ لامور نفعية وسياسية، لان مصلحة الدولة اهم من ذلك.
- تشغيل معمل غاز الشمال الذي كان احدث معمل في الشرق الاوسط في حينه، ومن ضمنه خط او معمل الكبريت، وهو معمل يمكن ان ينتج ويصدر كميات توازي الايرادات النفطية ان لم يكن يزيد عليها، وينتج انواعا مختلفة من الغازات ذات الاستخدامات المتعددة.
- اقامة مصاف جديدة لتلبية الحاجة حيث المتوفر بحدود 8 مصاف اغلبها ذات طاقة منخفضة.
- القطاع النفطي لم يشهد تطورا منذ سبعينيات القرن الماضي، وبالتالي هو بحاجة الى ادخال التحسينات في المعدات الآليات المعتمدة في الانتاج. وهناك ارادات سياسية يجب ان تنتهي وتدار الثروة النفطية من الدوائر المعنية بالأمر باشراف وادارة المتخصصين فنيا واقتصاديا، مع اتخاذ مجموعة من الاجراءات ذات الصلة.
- إعادة النظر في اعماق الحقول النفطية، فالبعض منها قريب من سطح الارض ويمكن زيادة الاعماق بما يؤدي الى زيادة الانتاج.
- زيادة الانتاج من حقول نفط كركوك الذي يعتبر نفطا خفيفا وذلك برفع قيود الانتاج التي يتدخل فيها الجانب السياسي؛ إذ ينتج حاليا 500 ألف برميل يوميا فقط.
4- قطاع السياحة: في ما يتعلق بالقطاع السياحي، يوجد في العراق من شماله الى جنوبه مواقع آثارية وتاريخية يمكن تأهيلها لتكون مواقع سياحية جاذبة واهم هذه الخطوات هي:
4 -1 هناك مواقع قريبة من المدن كآثار بابل ومثل هذه الاثار، يرغب الكثير من السياح زيارتها لذلك يجب توفير خدمات سياحية جاذبة للسياح، كالفنادق السياحية بدرجات ممتازة او درجة اولى لأنها ستكون عامل جذب للسائح بدلا من المبيت في بغداد والعودة في اليوم التالي لأنه ليس هناك فنادق جاذبة. هذا على سبيل المثال وليس الحصر.
2-4 توفير وسائل نقل مريحة تكون متاحة وقت ما يرغب السائح بالتنقل ولأي الاماكن التي يرغب بها وفق اجور مكافئة للخدمة والكلفة.
4 -3 تهيئة مرشدين من خريجي الفندقة والسياحة والذين لديهم خلفية تاريخية عن المواقع السياحية لتزويد السياح بالمعلومات التي يحتاجها للتعريف بالموقع السياحي.
4 -4 اقامة محميات حسب المواقع والامكانية التي تجعل اقامة المحميات مجدية من الناحية المالية، والجاذبة للسياح من ناحية اخرى.
4 -5 اجراء صيانة معقولة لا تغير من المعالم الاساسية للموقع السياحي، لان الاصل لا بديل له ويبقى هو الاساس الذي يبحث عنه السائح.
رابعا – الخلاصة والاستنتاجات
تهتم هذه المادة بموضوع تأهيل القطاعات الاقتصادية، مكونات الاقتصاد العراقي الوطني التي تراجعت بسبب الظروف السياسية والاقتصادية والحروب والحصار الشامل لثلاث عشرة سنة للفترة التي سبقت عام الاحتلال في 2003. كما لم تشهد هذه القطاعات اي تطور بعد عام الاحتلال بل شهدت تراجعا اوسع بسبب الاهمال المتعمد لان النظام الذي جاء بعد الاحتلال قام على اسس لا تبني بلدا، بل عملية سياسية قائمة على الطائفية والقومية والحزبية والمناطقية، مما ولد عوامل تراجع بشكل كبير، اذ اهملت الصناعة تماما واقتصر القطاع الزراعي على مبادرات المزارعين والفلاحين ودون دعم، بل هناك استيراد ينافس المنتج الزراعي العراقي بالأسعار لا بالنوعية، لكن المواطن يريد المنتج الاقل سعرا لاسيما الغالبية من الشعب من ذوي الدخل المحدود الذي لا يغطي نفقات العائلة اليومية. وهذا الاستيراد المستمر كان وما زال واحدا من العوامل المؤثرة سلبا. اما الصناعة فهي ليس في البال، وكذلك بقية القطاعات الاخرى كقطاع السياحة والخدمات. وبعد تشكيل الحكومة الحالية التي ظهرت الى الوجود بعد مرور عام ونيف على اخر انتخابات ووجود منهاج وزاري طموح يأمل المواطن ان يكون هناك اهتمام بتأهيل القطاعات الاقتصادية لدى صاحب القرار وذلك باستثمار الفوائض المالية الناتجة عن زيادة اسعار النفط، وهي تمكن صاحب القرار في حالة توفر الارادة والجدية في تطوير هذه القطاعات وكما تم تناولها في فقرات هذه الورقة، من حيث تسليف او اقراض المنشآت في كل القطاعات الاقتصادية على ان تمنح فترة خمس سنوات للبدء بإعادة اقساط القروض او السلف شريطة ان تكون بدون فائدة ويشترط لذلك دعم هذه القطاعات بإعفاء ضريبي ورسوم كمركية على استيراداتها خلال هذه الفترة، لتتمكن من تغطية التكاليف المترتبة على التأهيل، مع ايقاف الاستيراد لكل ما يمكن انتاجه من قبل القطاعات الاقتصادية كالقطاع الزراعي والقطاع الصناعي مع الزام كافة مؤسسات ودوائر الدولة من اقتناء المنتج الوطني بكل انواعه دون تردد، دعما للمنتج الزراعي والصناعي الوطني وهذا ما تعمل به كل الدول كنهج في سياساتها الوطنية تجاه المنتج الوطني، وحفاظا على طاقة وقدرات الدولة.
.
مراجع البحث
- وزارة المالية، الموازنات السنوية العراقية للسنوات 2010 - 2020، بغداد.
- الجهاز المركزي للإحصاء، المجموعة الإحصائية السنوية للسنوات 2020 - 2020، بغداد .
- الجلبي، عصام، خمسون عاما في عالم النفط، بيروت، 2019.
- المنهاج الوزاري للحكومة العراقية , 2022.
- New York Magazine Time, In side the Iraq kleptocracy,29, July, 2020
- الربيعي، حاكم محسن محمد، ملامح من الاقتصاد العراقي وارتفاع الاسعار، مجلة الثقافة الجديدة،العدد 431 – 432، تموز 2022.
- كزوري، رونالد و فتوربا، اندريه وغيليتنر، جي، مكافحة الفساد عبر التاريخ، من العصور القديمة الى العصر الحديث، الجزء الأول، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت، 2022.
- جريدة طريق الشعب، العدد 28 في 11 / 10 / 2022 .