أيلول/سبتمبر 12
   
 
لاحظت من خلال مناقشاتي مع بعض المعنيين بقراءة الديالكتيك الماركسي، ان شيئاً من مفاهيم الديالكتيك الهيكَلي غالباً ما تشوب نظراتهم أو معالجاتهم، على الرغم من تأكيدات (ماركس) من أن طريقته الديالكتيكية لا تختلف عن طريقة (هيكَل) فحسب، وانما تعارضها تعارضاً عمودياً.
لذلك وجدت من المفيد أن انقل لقرائنا طرفاً من المناقشات التي دارت حول مسألة هذا التعارض، وان أعرض بقدر ما يمكن من الايجاز والتبسيط وجهتي النظر الماركسية والهيكَلية، وجوهر التعارض في ما بينهما.
***
منذ ان نشرت الطبعة الالمانية الاولى لـ(رأس المال) على يد (انجلز) بعد وفاة ماركس عام 1883، انبرى لتفنيد أفكار ماركس وطريقته الديالكتيكية، فريق من المثقفين من مختلف بلدان أوربا، وفي مقدمتهم (دوهرنج)- في الالمانية، و(ميخائيلوفسكي) – في روسيا. وقد اتهم هؤلاء ماركس “أخذه” بثلاثية هيكَل المعروفة بقانون (نقض النقيض)- أي المسألة، ونقيضها، والوحدة العليا- وذلك في معالجته لتطور الرأسمال، واستخلاص استنتاجاته لهذا التطور وآفاق مستقبله – اعتماداً على طريقة هيكَل المثالية. ولم يتورع – هؤلاء “النقاد” عن نعت ماركس بـ”الصوفية” و”المثالية” وحتى بـ”الشعوذة”. استندوا في ذلك كله على عبارة (نقض النقيض) التي أوردها ماركس، مرة واحدة، في كل ذلك السِفر العظيم الذي هو (رأس المال)، مستشهدين بها على ان ماركس قد اعتمد طريقة هيكَل المثالية في دراساته واستقصاءاته.
تولى انجلز- كما هو معروف تفنيد اتهامات وسخافات (دوهرنج) في كتابه الشهير (الرد على دوهرنج)؛ كما تولى لينين الرد على (ميخائيلوفيسكي) في أول مؤلفاته (أصدقاء الشعب).
ويكفينا في هذا البحث الموجز أن نستند على بعض الردود لأنجلز ولينين، ففيها مايكفي لاجلاء الحقيقة.
***
خلص ماركس من بحث تطوير الملكية في الفصل المسمى (الاتجاه التاريخي لتراكم رأس المال)- من كتاب “رأس المال)-(1) الى انه في الفترة السابقة للعهد الرأسمالي كانت الصناعة الصغيرة قائمة على ملكية الشغيل الخاصة لوسائل انتاجه – وهذه هي المسألة (Thesis). وان الرأسمالية قد جاءت نتيجة تقويض الملكية القائمة على عمل المالك، وابدالها بالملكية الرأسمالية القائمة على استغلال الآخرين – وهذا هو نقيض المسألة (Negation) ولكن مثلما خلق تطور الصناعة الصغيرة نقيضه الذي أورده حتفه، وهي الملكية الرأسمالية – فان الانتاج الرأسمالي – يخلق هو الآخر نقيضه الذي يورده حتفه – وذلك هو نقض النقيض(2) “It is the negation of negation.
غير ان ماركس لم يستخدم هذا التعبير (نقض النقيض) إلا بعد مسيرة شاقة(3) برهن خلالها على عملية التطور هذه بالحقائق الاقتصادية والتاريخية التي لا تدحض. فاذا جاءت استنتاجاته متفقة هنا مع ثلاثية هيكَل، فليس معنى ذلك ان ماركس يستعين في تعليل وبرهنة الظاهرات الاجتماعية، أو في استقراء المستقبل دون الرجوع الى حقائق الحياة المادية أولا وفي الأساس.
استنتج (دوهرنج) من تطرق ماركس الى نقض النقيض وهو يعالج شروط تطور الرأسمالية ووجهته، على ان ماركس قد اعتمد فكرة نقض النقيض الهيكَلية لاثبات وبرهنة استنتاجاته عن مستقبل النظام الرأسمالي، والثورة الاجتماعية وطابع الملكية التي ستقوم في المجتمع الاشتراكي، والواقع ان ماركس لم يتطرق الى ذلك بل ولم يخطر بباله قط. ذلك ان ماركس كان يرود ببراعة وتدقيق – وبالاستناد الى الوقائع – الطريق التاريخي لتطور الرأسمالية. وقد توصل – عن طريق الاسترشاد بالوقائع المادية، لا عن طريق المثالية الهيكَلية، الى الحقائق الآتية:
أولا: قبل العهد الرأسمالي، كانت الملكية قائمة على أساس تملك الشغيل لوسائل انتاجه – أي تملك المنتجين انفسهم لوسائل انتاجهم. ولكن تطور وسائل الانتاج لم يعد يلائم هذا الاسلوب البدائي من الإنتاج، مما أدى الى ان تبدأ عملية تدريجية لنزع ملكية هؤلاء المنتجين من جانب ومن هم أقوى منهم. وهكذا بدأ اول تجميع لوسائل الانتاج الفردية والمشتتة وتحويلها الى وسائل انتاج ممركزة. وتلك هي مرحلة التراكم البدائي للرأسمالية.
ثانيا: نتيجة تملك عدد من الرأسماليين لوسائل الانتاج وبفعل القوانين المتأصلة في الانتاج الرأسمالي نفسه، لا يعود الشغيل المالك لوسائل انتاجه هو من ستنزع ملكيته، ولكن الرأسمالي الذي يشغل عدداً من هؤلاء الشغيلة الذين حولهم الى إجراء (بروليتاريين)، هو من ستنزع ملكيته، وكيف؟ “ان نفراً من الرأسماليين الأقوياء يأخذون بإهلاك الكثيرين من زملائهم، مما يؤدي الى مزيد من تركز وسائل الانتاج والى ان يتطور على نحو متزايد أبداً الشكل التعاوني لاسلوب العمل، وكذلك التطبيق التكنيكي الواعي للعلم، والفلاحة النموذجية للتربة، كما تحول وسائل العمل الى أدوات تستخدم فقط على صورة جماعية مشتركة، ويجرى الاقتصاد في استعمال جميع وسائل الانتاج وذلك باستخدامها كوسائل انتاج في عمل مشترك مترابط، ومن ثم ايقاع الشعوب في شبكة السوق العالمي. وذلك هو الطابع الدولي المميز للنظام الرأسمالي”.
ثالثاً: والى مَ يؤدي ذلك؟
يستطرد ماركس قائلاً:” ومع هذا التناقص المستمر لعدد اقطاب رأس المال الذين يغتصبون ويحتكرون مغانم ومزايا عملية التحويل هذه (أي تحويل العامل الذي كان يملك وسائل انتاجه الى بروليتير ووسائل انتاجه وقوة عمله الى رأسمال، واستثمار العمل والأرض ووسائل الانتاج الاخرى بطريقة فنية وعلى شكل جماعي مترابط – ع) يتزايد مقدار البؤس والاضطهاد والعبودية والتردي والاستغلال. ولكن بجانب ذلك تنمو ثورة الطبقة العاملة – وهي طبقة يتزايد عددها على الدوام، ويتعاظم تراصها ووحدتها وتنظيمها بفعل ميكانيكية عملية الانتاج الرأسمالي ذاتها. ثم ان احتكار رأس المال يمسي قيداً على اسلوب الانتاج، وهو الذي نشأ وترعرع معه وتحت ظله. ومركزة وسائل الانتاج واشتراكية العمل (أي صيرورة العمل اجتماعياً يشترك فيه ملايين الشغيلة – وهم القوة الاجتماعية الانتاجية الاساسية-ع) يبلغان في نهاية الأمر نقطة، يصبحان معها غير متلائمين مع غلافهما الرأسمالي، فلا يلبث هذا الغلاف ان ينفجر ويتبدد هباءً، وعند ذلك يقرع ناقوس الفناء للملكية الرأسمالية الخاصة، وتنزع ملكية نازعي ملكية الآخرين”(4).
هكذا توصل ماركس – على أساس التحري العميق للظروف والوقائع المادية لتطور الرأسمالي – الى:
1 - انه وجدت في البدء ملكية خاصة قائمة على ملكية المنتج لوسائل انتاجه.
2 - ثم ولد من رحم هذه الملكية نقيضها وهو الملكية الرأسمالية الخاصة التي يحرم منها المنتجون الحقيقيون – وهم ملايين العمال والكادحين.
3 - وان هذه الرأسمالية بفعل نفس القانون، تولد نقيضها الذي يوردها حتفها (وهو اشتراكية العمل)- “وذلك هو نقض النقيض”.
غير ان ماركس اذ تطرق الى هذا التعبير، لم يخطر بباله قط ان يتخذ منه برهاناً على الحتمية التاريخية لهذه العملية، وهو اذ برهن بالوقائع على ان شطرين من هذه العملية قد تحققا، فقط توصل بعد ذلك الى حتمية حدوث الشطر الأخير (أي الثورة البروليتارية). واذ توصل ماركس الى هذه النبوءة العظمى التي تحققت في زماننا هذا بعد موته، لم يكن يستعين بقانون نقض النقيض لاثبات صحة ما تنبأ به، وانما جاء نقض النقيض هو نفسه مطابقاً لاستقصاءات ماركس؛ وعلى ذلك انتهى ماركس الى وصف هذه العملية التاريخية بانها (عملية ديالكتيكية).
قال انجلز بهذا الصدد:
“انها لعملية تاريخية، فاذا جاءت في الوقت ذاته عملية ديالكتيكية فما الذنب بذنب ماركس- وان غاض ذلك الهر دوهرنج”(5).
استنتج دوهرينج- كما بينا – ان ماركس بدأ بثلاثية هيكل عند بحثه لتطوير الملكية وسار وفقها في استنتاجاته حتى توصل الى حتمية الثورة الاشتراكية – التي تصبح فيها الملكية اشتراكية وخاصة في آن واحد، تطبيقاً لفكرة (الفكرة الهيكَلية العليا) التي ينبغي أن تؤلف بين نقيضيها وتنتهي الى نتيجة مركبة ارقى، والتي خيّل لدوهرينج ان ماركس قد اعتمدها دليلاً للتوصل الى تحديد طبيعة الملكية في عهد الاشتراكية.
ماحقيقة هذه الملكية التي اتخذها دوهرينج وسيلة لتشويش وتشويه أفكار ماركس؟
لم يتطرق ماركس الى فكرة الوحدة العليا للملكية، ولم يخطر بباله وهو يتطرق الى الثورة الاجتماعية ضد الرأسمالية، ان يستعين بنقض النقيض الهيكَلي لتحديد طبيعة الملكية في العهد الاشتراكي. ولو فعل ذلك لانتهى الى ضرورة رد الملكية الخاصة القائمة على تملك المنتِج لوسائل انتاجه والسابقة للعهد الرأسمالي – الى نفس المنتجين في العهد الاشتراكي – أي الى الشغيلة والعمال فرداً – أي تحويلها من جديد الى ملكية فردية خاصة – ولكن ما الذي فعله ماركس؟
ذكر ان ملكية نازعي ملكية الآخرين – أي نزع ملكية الرأسماليين – وان كان يعني رد الملكية الفردية الى المنتجين، الا ان ذلك ينصرف الى مفهوم التمليك الاشتراكي للأرض ووسائل الانتاج من جانب أفراد أحرار يمارسون عملهم بوسائل انتاجية مشتركة، في مجتمع منظم على أساس اشتراكي. أما الملكية الخاصة فتقتصر على مواد الاستهلاك – أي ان ما ينتجه المنتجون في مجتمع اشتراكي، يخصص قسم منه ليكون بمثابة وسائل انتاج جديدة ويظل اشتراكياً، ويخصص القسم الآخر منه للاستهلاك من جانب أفراد المجتمع. فأين ذلك كله من مفهوم الوحدة الهيكَلية العليا؟
ولو ان ماركس وانجلز اعتمدا ثلاثية هيكَل، لسارا شوطاً بعيداً في تنبؤاتهما حول المستقبل ولحدّثا الاجيال عمّا سيكون عليه حالهم بعد آلاف السنين. ما أيسر ذلك لمن يضع نفسه خارج حدود الحياة وتطوراتها المعقدة. ولكن ماركس وانجلز – كما نعرف – قد اكتفيا بدراسة وتحليل مجتمع عصرهما، المجتمع الرأسمالي، مستندين في ذلك الى ما لا يحصى من الحقائق والأرقام والبيانات عن تطور الرأسمالية البريطانية. واذ استنتجا من خلال دراستهما لتناقضات المجتمع الرأسمالي حتمية الثورة الاشتراكية، لم يسرفا في وصف طبيعة هذا المجتمع.. مجتمع المستقبل، ولم يشيرا الا بصورة عارضة الى المجتمع الشيوعي – دون أن يتجاوزا، ولو خطوة واحدة الى ما وراء ذلك.
***
ليس نقض النقيض خطأً بحد ذاته، فهو بمفهومه الماركسي قانون عام من قوانين الحركة. ولكنه خطأ عندما يؤخذ مجرداً، لاستنتاج النتائج الواسعة – بالاستناد الى العقل وحده - كما هو الحال في منهج هيكَل المثالي (اللامادي – الميتافيزيقي). وهو خطأ بالنسبة للمتعلمين الذين يتخذونه نقطة بداية في البحث والاستقصاء، أو بمثابة المنطق للبرهنة على صواب ظاهرة ما.
إن اعتماد نقض النقيض اعتماداً عقلياً، او مجرداً، أو كنقطة للشروع في التعليل والبحث – هو مثالية – مناقضة للديالكتيك الماركسي. الصواب هو البدء بتحري ودراسة الظواهر الجارية أولاً والركون اليها قبل كل شيء. والصواب في كل فكرة أو نظرية، هو مطابقتها للواقع، وليس العكس. فإن جاءت هذه النتيجة أو تلك مطابقة لقانون نقض النقيض، فليس في ذلك ما يبعث على الاستغراب. ان عمليات لا تحصى، تقع يومياً وكل ساعة بل وكل لحظة خارج وعينا وإرادتنا – في المجتمع والطبيعة والفكر – وفق قانون نقض النقيض الذي هو جوهر الديالكتيك الهيكَلي والذي اقتبسه ماركس بعد أن نزع عنه قشرته الصوفية، وأوقفه على قدميه.
لقد استمد انجلز أمثلة عديدة من عمليات تجري على أساس نقض النقيض في عالم البايولوجيا (النبات، والحيوان) ومن الجيولوجيا، والرياضيات، والفلسفة والتاريخ.
استشهد مثلاً بحبة الشعير، فذكر انها عندما تبذر في التربة، لا تلبث أن تنقض نفسها، فتتحول الى نبتة التي هي نقيض الحبة. ثم لا تلبث هذه النبتة أن تنقض نفسها عندما يولد الحب، وهذا هو نقض النقيض. وبنتيجته نحصل لا على الحبة من جديد بل على عدد وفير من الحبات.  واستشهد بالبيضة التي تنقض نفسها لتنشق عن حشرة، لا تلبث بعد اجتيازها أدوار الاستحالة أن تموت فتصبح بدورها منقوضة – وذلك في اللحظة التي يكتمل فيها تلقيحها وتنتهي الأنثى من وضع بيضها الوفير.
كما استشهد أنجلز بالقشرة الارضية التي هي محصول سلسلة من النقيضات المنقوضة للتربة ـ عبر الدهور - تحت فعل عوامل كيمياوية وفيزيائية ومناخية كثيرة معقدة.
واستشهد أيضاً بعمليات حساب التفاضل، وتطور ملكية الأرض والفلسفة، وفكرة المساواة.. الخ.
وفي هذا الصدد قال لينين: “ان ماركس لم يخطر له قط ان “يبرهن” على أي شيء بالاعتماد على ثلاثية هيكَل. كان ماركس يعنى فقط ببحث ودراسة العملية الحقيقية، وكان يعتبر مطابقة النظرة للواقع هو مصداقها الوحيد. ومع ذلك، فإن ظهر في أي وقت من الأوقات، ان تطور أية ظاهرة اجتماعية معينة جاء مطابقاً لمنهاج هيكَل – أعني المسألة والنقيض، ونقض النقيض وليس في ذلك ما يبعث على الدهشة. لقد استمد انجلز الامثلة من نطاق التاريخ الطبيعي (تطور البذرة)، ومن نطاق العلم الاجتماعي كالمثل القائل بأنه قد وجدت في البداية المشاعية البدائية، ثم الملكية الخاصة، ثم اشتراكية العمل في العهد الرأسمالي. أو انه قد وجدت في البداية مادية بدائية، فمثالية، فمادية علمية.. ولكن من الواضح لكل إنسان ان الجهد الرئيسي في جدلية انجلز هو ان المادية ينبغي أن تصور بصراحة ودقة عملية التاريخ. أما التمسك بالديالكتيك واصطفاء الأمثلة لتبيان صحة الأسلوب الثلاثي، فليس إلا من آثار الهيكَلية التي نشأ عنها مذهب الاشتراكية العلمية، أو بالأحرى أثر من آثار اسلوبها في التعبير. فما مغزى تلك الأمثلة التي تضرب حول العمليات “الديالكتيكية” اذن؟ أليس واضحاً انها تشير فقط الى منشأ هذا المذهب ليس إلا”؟(6).
لكن نقض النقيض لا يصلح مخباراً نثبت به صحة عملية ما، أو نستدل بواسطته على عمليات التطور المعقدة التي تجري في الطبيعة والمجتمع والفكر. وانما هو قانون عام من قوانين الحركة ليس إلا. فالاكتفاء بتعبير “نقض النقيض” لوصف عملية تطويرية ما، هو في الواقع جهد قد يكون عقيماً تماماً بالنسبة للعالِم والمؤرخ، أو بالنسبة لبني الانسان الذين يستهدفون من وراء هذه الدراسات لعمليات التطوير، مغانم ونتائج ملموسة. ان وصف تطور البذرة بانه نقض النقيض، لا يشمل جزيئات عملية التطور هذه.. لا يشمل (التناقضات الخاصة) لعملية تطور البذرة التي تختلف نوعياً عن التناقضات الخاصة لتطور الملكية مثلاً - كما لا يشمل الظروف والعوامل الاخرى الخاصة (الثانوية) – كالحرارة، والرطوبة، والمناخ، والتربة، والاسمدة، والبستة..الخ. وماذا يجني عالم النبات أو المجتمع من فوائد لو انه توقف عند حد الاستنتاج بأن تطور البذرة قد جرى وفق قانون نقض النقيض؟ لو توقف الأمر عند هذا الحد، لأصبح وصف عملية تطور البذرة يساوي من حيث النتائج وصف عملية تطور الملكية؛ وهذا بدوره يساوي قولك بأن (ثمة حركة اضداد في عملية تطور كل شيء) - أي انك تردد دونما طائل قانوناً عاماً من قوانين الحركة (عمومية التناقض) - وهذا ما يفعله الميتافيزيقيون أيضاً (مع اختلاف في الجوهر).
ان هذا القانون العام وحده لا يكفي. فلكل عملية تطورية خصائصها المتناقضة (تناقضها الخاص). والتعرف على هذه الخصائص هو مهمة العالِم في مختبره، والفلكي في مرصده، والمؤرخ في تحرياته ودراساته. ومن هنا قولنا إن الماركسية هي التي أنزلت الديالكتيك من عرش التأملات العقلية المجردة، الى أرض الواقع.
ان قانون نقض النقيض (بمعنى ان التناقض هو أساس الحركة وانه يسري في عملية تطور كل شيء من البداية الى النهاية)، يشق طريقه ويرتب نتائجه في الطبيعة والتاريخ والفكر - قبل أن يعيه الإنسان.
ومثلما تطور المجتمع منذ ملايين السنين وفق أفكار ومبادئ المادية التاريخية الحديثة، دون أن يعي انسان تلك المجتمعات هذه المبادئ والافكار، كذلك كان كل شيء في الطبيعة يتحرك ويتبدل ويتطور، وكان الانسان يفكر تفكيراً ديالكتيكياً قبل أن يصبح الديالكتيك علماً متعارفاً بين اناس هذا العصر.
لقد كان هيكَل أول مفكر عملاق صاغ (ولو بصورة مثالية) قانون نقض النقيض، ومنه اقتبس ماركس جوهر طريقته الديالكتيكية. فأين وجه التعارض إذن بين الطريقتين؟
يتفق ماركس وهيكَل في المحتوى الأساسي للديالكتيك: التناقض، الحركة، الصراع بين القديم والجديد، التغيير، الترابط بين الظواهر، التطور الكمي، التحول النوعي.. الخ – والفضل في ذلك يعود الى هيكَل – باعتباره الرائد الأول للديالكتيك والذي لا يجحد ماركس فضله – كما فعل آخرون من الذين عاملوه “ككلب ميت”، وانما اعلن نفسه بصراحة “تلميذاً لهذا المفكر العملاق”(7). إلا ان هيكَل يبدأ من حيث ينتهي ماركس. وهو يبدأ بالفكرة، بالحق المطلق، بالروح الكلي، فيعتبره الأصل، الخالق، الأزلي الذي يستوعب كل ظاهرات الكون حتى في أدق جزيئاته. فما الطبيعة – في نظر هيكَل – إلا تجسيد محسوس لهذا الروح الكلي، وما الحياة إلا تجسيد روحي رفيع لهذه الروح. أما كيف يكشف هذا الروح عن نفسه، وكيف تجري سنة التطور، فعلى الوجه التالي: تقوم المسألة فيقوم الى جانبها نقيضها. ومن الصراع الناشب بين هذين النقيضين تقوم “أزمة” لا تلبث أن تتفاقم وتتسع حتى تنحل وتسوى على نحو انفجاري – وذلك هو نقض النقيض أو (الوحدة العليا). عند اذن تنهض أمامنا حالة جديدة، ائتلاف جديد، أو ما يسميه هيكَل “مرحلة جديدة من مراحل تطور الفكر المطلق” وهذه هي المسألة مرة اخرى. ولكن سرعان ما يقوم الى جانب هذه المسألة الجديدة نقيضها أيضاً، فينشب الصراع، وتنتهي العملية “بحل” هذا التناقض بقيام إتلاف جديد أرقى من سابقه، بمسألة جديدة، بانكشاف جديد.. وهكذا دون انقطاع.. ويرى هيكَل ان هذه الانكشافات التطورية (سواء وقعت في الطبيعة أو في المجتمع) ليست إلا انكشافات نسبية للحق المطلق أو قل اعرابات جزئية عن الروح الكلي المتجسد في الكون بأسره. وهكذا صعوداً تسير الحياة، حتى يتكشف هذا الحق في صفته المطلقة، أو حتى يكشف هذا الروح عن نفسه كلياً. أما كيف ينتهي الفكر الى هذه المرحلة فيرى هيكَل انه قد قطع اليها مراحل ثلاث: لقد وجد أولاً كحقيقة أزلية مجردة؛ ثم تسرب في الطبيعة فأصبح حقيقة مادية محسة؛ وأخيراً راح يسعى الى ان يحقق نفسه بصورة أرفع وأسمى بصورة روح – وهذا هو هدف الفكر منذ البداية. ويعني ذلك ان الطبيعة التي نراها بأعيننا ليست إلا تجسيداً للفكر في المرحلة الوسطى من مراحل تطوره. أما المرحلة الروحية من تطور الفكر المطلق فهي مرحلة تطور العلائق الاجتماعية (التاريخ، الحق، الاخلاق، السياسة) التي تبلغ ذروتها في بلوغها مرتبة الادراكات الذهنية العليا (الفن، الدين، الفلسفة). وفي هذه المرتبة الأخيرة يتجلى الروح الكلي في أروع أشكال الكمال والانسجام، ثم لا يلبث أن يعود الى نفسه(8).
هذه هي طريقة هيكَل الديالكتيكية، أو ما يسمى بـ”ثلاثية هيكَل” مبسطة قدر الامكان. وهي – كما هو واضح – طريقة مثالية، صوفية. أما تطبيقاتها الاجتماعية، فكانت عبارة عن مساندة، على الصعيد الفلسفي، لحكم الدستور المطلق السائد في ألمانيا آنذاك، وذلك في نطاق السياسة، والقانون، وعلم الاجتماع. وليس هذا بطبيعة الحال المكان الملائم لعرض هذه الناحية من فلسفة هيكَل.
ذلك هو منهج هيكَل.
أما منهج الماركسية فهو كما يأتي:
تنهض الماركسية على دعامتين متلازمتين: نظرية مادية، وطريقة ديالكتيكية.
فالماركسية تنظر الى الظاهرات نظرة مادية. أي انها تعتبر الشيء المادي هو الأصل، والشيء المعنوي أو الفكري هو الانعكاس الصادق عن هذا الشيء - بخلاف النظريات المثالية التي تعكس المسألة أو تضعها بشكل آخر.
والماركسية تتناول الظاهرات بطريقة ديالكتيكية – أي أنها لا تعتبر الظاهرات شيئاً جامداً أبدياً أو خالداً، وانما في حالة تناقض وحركة دائمة وتطور مستمر. فهناك دوماً الى جانب القديم شيء جديد؛ شيء ينمو وآخر يضمحل، شيء ثوري وآخر لا ثوري، شيء يولد وشيء يموت – أو بكلمة اخرى، هناك حركة صيرورة وانتهاء وخلق وإفناء، دائمة الجريان، وهي أثناء جريانها تعبر مرحلتين: مرحلة ارتقاء (كمي) تؤدي الى مرحلة تحول (نوعي).. وهكذا تجري الحياة صعوداً بدون توقف أو انقطاع.
هذا هو بتبسيط وايجاز المفهوم المادي الديالكتيكي أو المنهج الفلسفي الذي تقوم عليه الماركسية العلمية، ومنه استمدت الماركسية قوانين تطور المجتمع ومبادئ الثورة البروليتارية.
أما تطبيقاته العلمية فهي تنهض بوجه عام على الأسس الاتية:
- لما كان الشيء المادي هو الأصل والشيء الفكري هو الانعكاس فمعنى ذلك ان الوجود الاجتماعي هو الذي يقرر الوعي الاجتماعي وليس العكس، كما هو الحال عند هيكَل وبقية المفكرين المثاليين.
- ولما كان كل شيء يتحرك، فلتعرف الماركسية اذن، في أية وجهة يسير التاريخ.
- ولما كان الجديد يقوم بجانب القديم وان هناك دوماً شيئاً ينمو ويتطور وآخر يضمحل ويفنى، فلتتعرف الماركسية اذن على القوة الاجتماعية الناهضة (وان بدت صغيرة ومحكومة في وقت من الاوقات)، وعلى القوة الاجتماعية البائدة (وان بدت في الوقت ذاته كبيرة ومسيطرة).
- ولما كان هناك عملية ارتقاء (كمي) تنتهي الى عملية تحول (نوعي) فلتخطط الماركسية، اذن للحركات السياسية مناهج عملها على هذا الضوء. ولتدل البروليتاريا على ما يجب أن تنهض به من مهام (ديالكتيكية) تنسجم مع عملية التطور (الكمي) وتزيد من سرعتها ومهام (ستراتيجية) تنسجم مع عملية التحول (النوعي) – أي الثورة – وتضمن نجاحها.
بهذه الطريقة، أخذت الماركسية تستقرئ ظاهرات الحياة ولاسيما ظاهرات التطور الاجتماعي وسير التاريخ الانساني. وقد اعتبرت الماركسية ان مصداق هذه الطريقة يكمن في حقائق الحياة وليس في التعميمات الذهنية المجردة.
وطبيعي ان هذه الطريقة تخالف طريقة هيكَل.”بل تناقضها على خط مستقيم” كما يقول ماركس. فطريقة ماركس مادية، واقعية، ثورية. وطريقة هيكَل مثالية، صوفية، محافظة.
ومما سبق يتضح الفرق بين طريقة هيكَل وطريقة ماركس.
ففي الوقت الذي يأخذ هيكَل بيده ثلاثيته يعلل بها ظاهرات الطبيعة والمجتمع، ويستكنه بواسطتها الغيب وآفاق المستقبل، نجد ماركس يأخذ ظاهرات الحياة نفسها كبداية يدرسها ويعللها ويختبرها بطريقة ديالكتيكية مغايرة تقوم على اساس الاخذ بالمحتوى المعقول من ديالكتيك هيكَل: التناقض، الحركة، التغير، الارتقاء، التحول.. الخ، وعلى نبذ قشرتها الصوفية المثالية (الحق المطلق – الروح الكلي .. الخ)، معتبرا ان الظاهرات الواقعية في الحياة نفسها هي ما يصلح ان يكون محكاً ومصداقاً لهذه الطريقة، وليست الطريقة ذاتها مجردة او الافتراضات المثالية المسبقة حول مجرى الحياة وافاقها المستقبلة.
إذن، فالمادية الماركسية، هي بنت الواقع ومحركها الاول والأخير، هو حقائق الحياة المادية.
إنّ النظرية لا تستنتج مبادئها او تلجأ الى تفسير الظاهرات المعقدة بأساليب مثالية.. انها ليست عقيدة جامدة وانما مرشد في العمل.. انها لا تتكون نهائيا الا في صلة وثيقة بالنشاط العملي. وان من الواجب اختبارها بواسطة معطيات النشاط العملي. ألم يقل انجلز “ان المادية مقدر لها على ان تأخذ لها وجها جديدا لدى كل كشف جديد خطير؟!”.
***
 بعض الاستنتاجات
  • ان قانون نقض النقيض (بصيغته المثالية) خطأ – اذ يفترض ان كل ظاهرة تطورية هي انكشاف جزئي عن الروح الكلي المتجسد في الطبيعة والمجتمع والفكر – وقد سبق تبيان هذه المسألة عند مقارنة المنهجين الفلسفيين لكل من هيكَل وماركس.
  • وقانون نقض النقيض خطأ، عندما يعتبر كل ظاهرة تطورية هي عودة الى المسألة ذاتها بشكل مركب اعلى ناشئ من اتحاد النقيضين. وصف (لينين) ان التطور (كزيادة، ونقصان، وتكرار) هو وجهة النظر الميتافيزيكية لا وجهة النظر الديالكتيكية. وسماها (ماوتسي تونغ) لأنها (وجهة نظر ارتقائية مبتذلة) اذ ترى ان “الشيء قد يتكاثر مراراً وتكرارً ولكنه يبقى نفسه ولا يمكن ان يتحول الى شيء من نوع اخر ابداً”! لقد اصبح بمستطاع علماء النبات مثلاً ان يحصلوا لا على خمسين ثمرة محسنة (بدل عشر او عشرين) بنتيجة بذر بذرة واحدة، وانما استطاعوا ان يحصلوا من بذور فاكهة معينة موجودة في الطبيعة (وعن طريق التركيب المعقد واستخدام وسائل العلم الاخرى) على فواكه جديدة غير موجودة في الطبيعة.
  • وقانون نقض النقيض، خطأ ايضاً، عندما يعتبر مجموعة الظاهرات التطورية، هي انكشافات جزئية اعلى فأعلى عن الروح الكلي الذي يكشف عن نفسه في نهاية الامر.. فيعود الى نفسه اخيراً – وعند ذلك تكتمل دائرة التطور. ان المفهوم الماركسي للتطور لا يناقض فقط هذا المفهوم المثالي، وانما يناقض ايضاً فكرة اكتمال وانغلاق الدائرة؛ ويرى ان التطور يسير على صورة لولبية متسعة الحلقات ابداً، ولا نهاية لها.
  • وقانون نقض النقيض خطأ ايضاً، عندما لا يرى في كل عملية من عمليات تطور الاشياء إلا اتحاد (نقيضين). ان هذا يصدق فقط على العمليات البسيطة، بينما العمليات المعقدة (وهي الظاهرات الاكثر شيوعاً وتنوعاً في الطبيعة والمجتمع والفكر) اكثر من زوج واحد من النقائض المتضادة المتعارضة.
  • ولكن نقض النقيض، صحيح (بصيغته الماركسية)، عندما يعني: التناقض، الحركة، التطور – ومن هنا قيل ان ماركس قد انتزع من ديالكتيك هيكَل لبّه المعقول ونبذ قشرته المثالية.
  • وبهذا المعنى فقط يعتبر نقض النقيض – قانونا اساسيا من القوانين العامة للحركة – وما الديالكتيك الا علم القوانين العامة للحركة.
  • وكونه قانوناً عاماً، لا يصلح قانون نقض النقيض أن يكون وسيلة للاختبار والتعرف على الأشكال المعقدة للحركة (أي التعرف على الاختلاف النوعي بين شكل وآخر من أشكال الحركة – التي يؤلف كل منها موضوع الدراسة لنوع معين من فروع العلم)، ولا على التغيرات التي تحصل بنتيجتها – وليس بشرط أيضاً أن تأتي النتائج بشكل “وحدات عليا هيكَلية”. ان اشكال التغيرات (ولا سيما في الكيمياء – التي يسميها ماركس علم التغيرات) لهي أدق وأعقد ألف مرة من أن يستطيع قانون نقض النقيض حلها.
فمن المعروف مثلا، ان حامض الهايدروليك (HCL) وحامض الكبريتيك ( H2So2) وحامض النايتريك (HN03) يحتوي كل منها على عنصر الهايدروجين الذي يمكن ابداله بفلز عند تفاعله معه. وتفاعل أي من هذه الحوامض مع الفلز ينتهي (وهذه القاعدة العامة) الى نقضهما وانتقالهما الى شكل جديد من أشكال الحركة (نقض النقيض). ولكن ما هي هذه النتيجة (التي هي نقض النقيض) هل هي نتيجة واحدة؟ هل هي مركب أعلى يجمع بين خصائص النقيضين دوماً؟ كلا!
أ‌- فعندما يتفاعل أي من هذه الحوامض مع أحد الفلزات المتقدمة في جدول الاحلال (كالبوتاسيوم والصوديوم) فإننا لا نحصل على الهيدروجين وانما نحصل على “انفجار”!
ب‌-  وعندما يتفاعل حامض الكبريتيك المركز أو حامض النايتريك (المركز أو المخفف) مع أحد الفلزات الوسطى في جدول الاحلال (كالنحاس مثلا)، فاننا لا نحصل أيضاً على الهيدروجين، وانما على غازات أخرى (كأوكسيد النايتريك).
ج- ولكننا نحصل على الهيدروجين نتيجة تفاعل حامض الكبريتيك المخفف مع الخارصين، حيث يحل الخارصين محل الهايدروجين الموجود في الحامض، ويتحد بالباقي مكوناً ملحاً ذا بلورات بيضاء يسمى (كبريتات الخارصين).
اين نقض النقيض من كل هذه النتائج المتغايرة؟ وكيف يستطيع أن يسعفنا في التعرف على (التناقضات الخاصة) لكل من هذه العمليات؟!
لنأخذ مثلاً آخر على اتحاد الاضداد والحصول على نتيجة ليس لخواصها أي أثر من تشابه أو قرابة مع خصائص نقيضيهما: من المعلوم ان (الكلور) غاز سام لونه أصفر مخضوضر. وان (الصوديوم) هو فلز سهل التأكسد في الهواء وأخف من الماء. ولكن ما الذي نحصل عليه من تفاعل هذين العنصرين؟ نحصل على (ملح الطعام) الذي نستعمله في الأكل – وهو يختلف كل الاختلاف عن خواص كل من الكلور والصوديوم، وهو غير سام ويذوب في الماء.
وعدا ذلك فليست كل التفاعلات الكيمياوية هي مجرد (اتحادات). فهناك الاحلال (أي احلال عنصر محل عنصر آخر في مركب ما، أو تبادل مركبين لعنصريهما. بل هناك عمليات التحلل (أي إعادة المركب نفسه الى عنصريه من جديد) - أي الى نقض الوحدة العليا نفسها - اذا صح التعبير. وهناك الى جانب هذه (النوعيات المختلفة) من أشكال الحركة، عوامل (خارجية) كثيرة تؤثر على نتائجها: فاختلاف النسب بين الذرات المتفاعلة، والضغط، والحرارة، ودرجة تركيز المواد المتفاعلة، والعوامل المساعدة الوسيطة.. الخ - كلها عوامل تؤدي الى نتائج بالغة التباين.
ففي كل هذه الحالات، لسنا دوماً أمام مركبات عليا تجمع بين خصائص نقائضها وتجسد صفاتها - ولكننا أمام عمليات معقدة، لكل منها (نقائضها الخاصة) التي لا يمكن التعرف عليها أو حلها أو تحديد نتائجها، بواسطة قانون نقض النقيض.
إننا أمام عمليات تناقض وتغير.. أمام انتقال المتناقضات الى أشكال جديدة من أشكال الحركة.
ولكل من هذه العمليات خصائصها وشروطها ونتائجها التي لا يمكن استنباطها بواسطة قانون عام من قوانين الحركة، وانما بواسطة التجربة، والبحث والاستقصاء، ووسائل العلم الاخرى.
ضع قانون نقض النقيض جانباً.. تمسك بمفهوم التناقض، الحركة، التغيير (كقانون عام - عموميته التناقض).. فذلك هو جوهر الديالكتيك الماركسي؛ واختبر كل عملية تطورية على ضوء التجربة لغرض التعرف على (تناقضاتها الخاصة) والوسائل الخاصة لحلها - وذلك في نطاق خصائصها، وظروفها، وارتباطاتها، وبالاستناد الى آخر معطيات العلم الصحيحة.
تلك هي الطريقة الديالكتيكية في البحث!
 
الهوامش:
  1. راجع ص 834 - 837 - الطبعة الانجليزية.
  2. راجع ص 837 من المصدر ذاته.
  3. راجع ص 838 - 837 والخمسين صفحة التي قبلها وكذلك ص 90 من ذات المصدر.
  4. رأس المال ص 836 - 837 – الطبعة الانجليزية.
  5. في الرد على دوهرينج – قسم الفلسفة – في الفصل الثالث عشر.
  6. الاعمال المختارة بالانجليزية ص 101 - 102.
  7. راجع “رأس المال” المقدمة.
  8. يكفي أن نشير هنا الى التعليل الذي اعطاه هيكَل لسقوط الاغريق. فهو يرى ان السبب الأكثر أهمية في سقوط الاغريق هو انهم قد اعربوا عن مرحلة واحدة من مراحل تطور الفكر المطلق، لذلك كان محكوماً عليهم بالسقوط عندما تم انجاز هذه المرحلة، ويقول: “ان العلاقات الاجتماعية ومجرى التطور التاريخي للانسانية كله، انما تقرره في التحليل الأخير نواميس المنطق (يقصد طريقته الثلاثية) ومجرى تطور الفكر”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت المادة في (الثقافة الجديدة)/ العدد الخامس عشر – السنة الثامنة – مارس ونيسان 1960